الحرب الأهلية التي تعيشها سوريا من عام 2011، انعكست على جوانب الحياة كافةً، بما في ذلك الثقافية منها.
الإنتاجات الفنية والأدبية والثقافية لم تكن بعيدةً عن ذلك، فقد تم إنتاج عشرات الأعمال المتنوعة من حيث النوع والشكل والمدة الزمنية وطريقة المعالجة، ضمن محاولات نقل المعاناة التي يعيشها السوريون منذ أعوام.
"من أجل سما" أو "For Sama"، هو أحد أحد هذه الإنتاجات السورية التي تحكي المأساة الإنسانية السورية في إطار فيلم وثائقي.
الفيلم من إخراج الصحفية والمخرجة والناشطة السورية وعد الخطيب، وقد شاركت به في عدة مهرجانات سينمائية في تركيا ودول أخرى.
ومؤخراً، حلّ الفيلم ضيفاً في أسبوع السينما "On5Sıfır7" (15 تموز) في تركيا.
الفيلم يروي آثار الحرب من وجهة نظر امرأة سورية، ويتناول معاناة وعد الخطيب التي كانت شاهدة على ثورة مدينة حلب السورية، وهي تقصّ ما عاشته لابنتها الصغيرة.
وفي تصريحات للأناضول أعربت الخطيب عن سعادتها لعرض فيلمها الوثائقي في تركيا، وعن ردود الفعل تجاهه.
وحكت كيف أنها عاشت طوال 5 سنوات في إحدى المستشفيات تحت القصف برفقة زوجها وابنتها.
ووفقاً لها، شهد آلاف الأشخاص وقتها العديد من الفظائع، مثل الحصار والقصف والهجوم الكيماوي وتفجير المدارس، على يد النظام السوري وداعميه روسيا وإيران و"حزب الله" اللبناني.
وتابعت الخطيب "المشكلة لم تكن بسبب الثورة السورية عام 2011، بل تتمثل في كيف كان نظام الأسد يعيد تشكيل البلاد، وفي الفساد والظلم والاختفاء القسري واعتقالات المواطنين لعدة سنوات، وفوق كل ذلك لم نكن نتمتع بالحرية والاحترام في بلدنا".
وذكرت أن "السوريين تدفقوا إلى الشوارع والميادين عقب اندلاع الثورة طلباً للحرية ولمستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وتعرّضوا للضرب والسجن والقصف والقتل، وبعد مدة لم يعودوا قادرون على تحمّل ذلك فاضطر الكثيرون لترك وطنهم والهرب إلى أماكن أخرى حفاظاً على حياتهم وحياة أبنائهم".
* أزمة اللاجئين نتيجة لما يحصل في سوريا
لكن فصلاً جديداً من المعاناة بدأ مع اللجوء، حيث لم يكن طريق الهجرة مُعبّداً أمام الهاربين من خطر الموت والأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة.
وفي هذا المجال، لفتت الخطيب إلى أن السوريين بعد أن اضطروا إلى اللجوء إلى بلدان أخرى وبدء حياة جديدة، بدأوا يواجهون العديد من المشاكل والأزمات، أبرزها العنصرية.
تقول "الخطيب" إن "النظام السوري لا يزال يسيطر على سوريا بدعم من روسيا وإن كل الحكومات ترى ذلك وتقبله، ثم يتحدثون عن اللاجئين وكأنهم مشكلة قائمة بذاتها".
وتشدد أن "أزمة اللاجئين هي نتيجة ومحصلة لكلّ ما يحدث في سوريا، المشكلة هي ما فعله نظام الأسد في سوريا والجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري".
وأوضحت الخطيب أنها عقب اضطرارها للخروج من حلب، اعتقدت أنه لا يوجد أمل في أي مكان، وأنها عاجزة عن فعل أي شيء.
وتضيف أنها حاولت بعد ذلك تصوير الفيلم الوثائقي "For Sama".
وبرأي الخطيب، "الوضع لا يزال سيئاً بالنسبة للاجئين، والعثور على الأمل لا يزال صعباً جداً".
وعبّرت عن شعورها بردود فعل المشاهدين عقب عرض الفيلم، وقوالت إنها تعتقد أن "المشاهدين فهموا وأدركوا معاناة السورييين وأنهم لم يكونوا يريدون الخروج من وطنهم، وأنهم حاربوا كل يوم سعياً للبقاء في بلدهم، حتى أصبح ذلك أمراً مستحيلاً.
وبحسب الخطيب، "هذه الأفلام يمكن أن تساعد في فهم الناس لما يعانيه السوريون بشكلٍ أفضل"، وأن يضعوا أنفسهم في مكانها ومكان طفلتها الصغيرة حتى يفهموا الوضع بشكل صحيح.
ورغم أن الفيلم أنتج عام 2019، إلا أنه يزال يُعرض في العديد من البلدان حول العالم، ناقلاً مأساة التجربة السورية باللجوء القسري إلى مختلف الشعوب والبلدان.