أقدمت صحيفة مصرية مقربة من السلطات، الأحد 5 فبراير/شباط 2023، على تقديم اعتذار إلى دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بعد نشرها مقالاً لرئيس تحريرها عبد الرزاق توفيق يهاجم فيه دول الخليج، بعد انتقادات من صحفيين سعوديين للوضع الاقتصادي في مصر.
ونشرت صحيفة "الجمهورية" المصرية اعتذار قالت فيه "نعتذر عن المقال المنسوب لرئيس التحرير وفيه إساءة لأخوتنا في مهد الحضارات ومهبط الرسالات وخير أرض طلعت فيها الشمس، وشعبها الكريم المعطاء الذين اختصهم الله بفضله".
رئيس التحرير عبد الرزاق توفيق كتب مقالة في صحيفة الجمهورية المصرية القومية تحت عنوان "الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأنذال"، قال فيها: "لا يجب على الحفاة العراة التطاول على مصر.. ليس من حق اللئام والأنذال ومحدثي النعمة أن يتطاولوا على أسيادهم". ونشر موقعا "الجمهورية" و"كايرو 24″ المقال قبل أن يتم "حذفه لاحقاً". وذلك رداً على انتقادات من أكاديميين وصحفيين سعوديين للسلطة المصرية.
انتقادات سعودية للوضع في مصر
كان الأكاديمي السعودي تركي الحمد، المقرب من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وفي مجموعة من التغريدات على صفحته في "تويتر"، انتقد، الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، الوضع الاقتصادي في مصر، مشيراً إلى أن القوات المسلحة المصرية بتغولها في الاقتصاد هي المسؤولة عن تردي الأوضاع في البلاد، على حد قوله.
ففي عدة تغريدات له، تناول تركي الحمد، بالنقد الشديد، الوضع الاقتصادي في مصر. وهذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها الأوضاع المصرية، فقد سبق له أن انتقد الكاتب المصري عماد الدين أديب، حين كتب مجموعة من المقالات يتحدث فيها عن الوضع الاقتصادي المصري، ودعوته لدول الخليج لدعم مصر، وذلك في عام 2022.
تلت ذلك انتقادات أخرى من الأكاديمي السعودي خالد الدخيل، للوضع السياسي والاقتصادي المصري. وقال في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر"، إن "ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952".
كما كتب "مصر انكسرت في يونيو/حزيران 67 وتبخر وهج 23 يوليو/تموز كما عرفه المصريون والعرب، لكن سيطرة الجيش على السلطة وعلى اقتصاد مصر لم تسمح ببديل سياسي اقتصادي مختلف".
جاءت تصريحات الأكاديمي السعودي تركي الحمد والأكاديمي خالد الدخليل بعد أيام قليلة من تصريحات لوزير المالية السعودي محمد الجدعان، التي قال فيها إن المملكة تغيّر طريقة تقديم المساعدات لحلفائها من تقديم منح مباشرة وودائع دون شروط.
أضاف الجدعان، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا، أن المملكة، أكبر مُصدّر للنفط في العالم وقوة عربية، تشجع دول المنطقة على إجراء إصلاحات اقتصادية. وأردف: "اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات". مضى يقول: "نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهداً. نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".
تعثر مصر اقتصادياً
تصريحات الجدعان رآها مصريون أنها تلميح للموقف السعودي من التمويلات الممنوحة للقاهرة، في ظل تعثر السلطات المصرية اقتصادياً ورغبتها في الحصول على قروض ودعم خليجي كبير، في حين تشترط السعودية الانخراط في نشاط اقتصادي واستثماري بدلاً من منح تمويلات مالية دون مقابل.
على الجانب الآخر، شن الإعلامي المصري نشأت الديهي، هجوماً على تركي الحمد، وقال له: "أنت مالك ومال مصر". ووجه حديثه لتركي الحمد قائلاً: "أنا بقول لتركي الحمد وأمثاله عيب"، مضيفاً: "من أنت لكي تتحدث عن تاريخ مصر، مصر باقية، هذه الدولة خلقت لتبقى، وحديث تركي الحمد عبارة عن صفر كبير".
البنك المركزي المصري
جدير بالذكر أن مصر تشهد أزمة اقتصادية صعبة يأتي على رأسها نقص العملة الأجنبية وارتفاع معدل التضخم بعد تخفيض البنك المركزي المصري قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي الذي يسجل حالياً نحو 30 جنيهاً مقابل 15.6 في مارس/آذار 2022.
في حين أقرض صندوق النقد الدولي مصر ثلاثة مليارات دولار على مدى أربع سنوات، في حين يتعيّن على القاهرة سداد 42 مليار دولار من الديون خلال 2022-2023. وأودعت دول الخليج الحليفة لمصر 28 مليار دولار من الودائع لدى البنك المركزي المصري، وفقاً لـ"فرانس برس".
في المقابل، تحركت السعودية ودول خليجية أخرى مثل الإمارات وقطر بشكل متزايد نحو الاستثمار بدلاً من تقديم مساعدات مالية مباشرة. ووقّعت السعودية في يونيو/حزيران 2022 اتفاقات بقيمة 7.7 مليار دولار مع مصر، بما في ذلك بناء محطة طاقة بقيمة 1.5 مليار دولار، وقالت إنها تعتزم قيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لمساعدة حليف قديم يواجه ضعف العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية.