قالت منظمتا "فير سكوير" و"هيومن رايتس ووتش"، في بيان مشترك لهما، الأربعاء، إن "مصر تستخدم منع السفر التعسفي لاستهداف أعضاء بارزين في المجتمع المدني بسبب عملهم السلمي، بمن فيهم محامو حقوق الإنسان، والصحفيون، والناشطات النسويات، والباحثون".
وأوضح البيان أن "إجراءات المنع، التي لا تعلنها السلطات عادةً رسميا ولا تمنح طريقة واضحة للطعن فيها في المحكمة، أدت إلى تشتيت العائلات، والضرر بالمسيرات المهنية، والأذى بالصحة العقلية لمن يخضعون لها".
ولفت البيان إلى أن "فير سكوير" و"هيومن رايتس ووتش" تحدثا إلى 15 مصريا فرضت عليهم السلطات منع السفر لمدة تصل إلى ست سنوات في بعض الحالات، مشدّدا على أن "غياب الأساس القانوني الواضح للمنع وأي وسيلة للطعن فيه يؤكد طبيعته التعسفية".
فيما قال الخاضعون لمنع السفر لـ "فير سكوير" و"رايتس ووتش" إنهم علموا عادة بمنع سفرهم في المطار أثناء محاولتهم الصعود على متن رحلة جوية، وإن السلطات لم تقدم سبلا قانونية واضحة للطعن في هذا المنع في المحاكم.
وذكر أحدهم أنه قدم التماسا إلى النائب العام، لكن الالتماس رُفض دون تفسير. ورفع آخر دعوى أمام محكمة الجنايات لإسقاط المنع، في حين قدم ثالث التماسا إلى "مجلس الدولة" المصري، الذي يستضيف المحاكم الإدارية، للتدخل، لكن في كلتا الحالتين رُفضت طلباتهما.
وروى كل من تمت مقابلته تقريبا أنه فقد فرص العمل والدخل، وقال كثير منهم إن الأثر النفسي لعدم معرفة متى ستنتهي هذه القيود التعسفية قد أثر بشكل خطير على صحتهم العقلية. كما أن لهذه القيود تأثيرا محبطا على نشاط حقوق الإنسان لأنها تثني الجمهور عن انتقاد السلطات، وفق البيان ذاته.
ولفت البيان إلى أن "الخسائر الشخصية طويلة الأجل لمنع السفر وتجميد الأصول كانت مدمرة"، مؤكدا أن "ستة من بين الأشخاص الـ 15 الذين تمت مقابلتهم، واجهوا تجميد أصول أدى إلى عزلهم عن النظام المصرفي تماما".
وأكد البيان أن "رايتس ووتش" وثّقت سابقا قيام حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاستخدام الممنهج لإجراءات لمنع سفر عشرات المعارضين الفعليين أو المفترضين. كما أعد "معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط" و"مبادرة الحرية" تقارير عن هذه القضية. ووجدت المنظمات أن قرار وزير الداخلية في العام 1994 يمنح الأجهزة الأمنية سلطات واسعة لفرض منع السفر دون أوامر قضائية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
من جهته، قال جيمس لينش، مدير فير سكوير: "منع السفر التعسفي بلا نهاية يسمح للسلطات المصرية بفرض نظام عقابي له أثر كبير على الحياة ويكاد يكون خفيا لأي شخص باستثناء أولئك الذين يدمر حياتهم. سمح المنع لمصر بضرب منتقديها بصمت دون خوف من إثارة حفيظة مانحيها وداعميها في لندن، وباريس، وواشنطن"، مطالبا مصر بإنهاء هذه الممارسات التعسفية والمنتهِكة فورا.
بدوره، قال عمرو مجدي، باحث أول بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للسلطات المصرية دون قيد أو شرط أن ترفع منع السفر في جميع الحالات حيث يكون الهدف هو قمع الحقوقيين أو منع أعضاء المجتمع المدني الآخرين من القيام بعملهم وأن تنهي ممارسة منع السفر التعسفية".
كما دعا مجدي، شركاء مصر الاستراتيجيين، بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتان تضمّان أُسرَ العديدِ من الممنوعين من السفر، إلى الضغط على القاهرة لإنهاء مثل هذه الإجراءات.