أعلن القاضي العدلي وعضو الهيئة العليا للانتخابات بتونس، الحبيب الربعي عن استقالته من مجلس الهيئة تضامنا مع القضاة الذين يخوضون إضرابا للأسبوع الثاني على التوالي.
وأوضح الربعي في تدوينة على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" أن استقالته هي "مساندة لزملائه القضاة ومن أجل قانون أساسي للقضاة طبقا للمعايير الدولية".
وتأتي استقالة الحبيب الربعي في الوقت الذي يجتمع فيه مجلس الهيئة الإثنين، للمصادقة على القرار الترتيبي المتعلق بضبط شروط وإجراءات المشاركة في حملة الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي دعا رئيس البلاد قيس سعيّد إلى تنظيمه في 25 تموز/ يوليو المقبل.
وفي 9 أيار/ مايو الماضي، عيّن الرئيس التونسي أعضاء جددا في لجنة الانتخابات المستقلة في خطوة وصفها معارضوه بأنها ترسخ حكمه الفردي وتلقي بظلال من الشك على نزاهة الانتخابات.
ويرأس اللجنة الجديدة، المكونة من سبعة أعضاء، فاروق بوعسكر الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الهيئة الانتخابية القديمة، وتضم ثلاثة قضاة، من ضمنهم الربعي المستقيل، ومهندس في تكنولوجيا المعلومات، وعضوان آخران.
وكان البرلمان في السنوات الماضية هو من يختار أعضاء هيئة الانتخابات عبر الانتخاب.
والأسبوع الماضي، كشفت هيئة الانتخابات عن روزنامة الاستفتاء المزمع عقده في 25 تموز/ يوليو المقبل، للتصويت على مشروع الدستور الجديد.
وقد أعلنت عدة أحزاب سياسية كبرى عن رفضها المشاركة بالاستفتاء من بينها "حركة النهضة"، التي أكدت في بيان لها الإثنين، "تمسكها بدستور البلاد ومقاطعتها للاستفتاء المزعوم الذي لا هدف له إلا تزوير إرادة الشعب لإضفاء شرعية مفتعلة على منظومة حكم فردي استبدادي تتكشف ملامحها يوما بعد يوم" وفق تعبيرها.
ونبهت الحركة إلى "مساعي الانقلاب لتمرير مشروعه وتزوير إرادة الشعب "باستفتاء" فاقد لكافة معايير النزاهة والشفافية عبر هيئة انتخابات منصبة وفاقدة لأي استقلالية في عملها".
كما حذرت الحركة مما اعتبرتها "محاولات المساس بثوابت الشعب وهويته العربية والإسلامية ومدنية دولته".
وذلك في إشارة لما صرح به منسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور "الجمهورية الجديدة" الصادق بلعيد، الذي قال إنه سيعرض على الرئيس مسودة دستور لن تتضمن ذكرا للإسلام دينا للدولة.
وينص الفصل الأول من الباب الأول للمبادئ العامة لدستور 2014 على أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.
وندد بيان المكتب التنفيذي للنهضة "بإثارة قضايا حسمها الشعب منذ الاستقلال وضمنها في الفصل الأول والثاني من دستور الثورة وتستنكر المحاولات الرخيصة والخطيرة لتوظيف هذه القضايا في إقصاء المخالفين".
وفي سياق متصل بمواقف الأحزاب من الاستفتاء، قال حزب "آفاق تونس" إنه قرر قبول المشاركة في حملة استفتاء 25 تموز/ يوليو بشعار "لا لمشروع قيس سعيّد".
وأعلن رئيس الحزب فاضل عبد الكافي أن حزبه سيقوم بحملة في كل مدن البلاد لدعوة المواطنين إلى التصويت بـ "لا" يوم الاستفتاء، مشددا على أن "آفاق تونس سيكون في الواجهة أمام قيس سعيد".
إلى ذلك، دخل إضراب القضاة بمختلف الهياكل أسبوعه الثاني بدعوة من جمعية القضاة احتجاجا على صدور مرسوم رئاسي يقضي بعزل 57 قاضيا، قال الرئيس سعيّد إن شبهات فساد وقضايا أخرى تلاحقهم.
ووفق الأرقام الرسمية للجمعية، فإن نسبة الاستجابة للإضراب بلغت 99 بالمائة خلال كامل أيام الأسبوع الأول، على الرغم من قرار وزارة العدل اتخاذ إجراءات عقابية ضد المضربين أبرزها الخصم من الأجور.
وأكد القضاة على أنهم لن يتراجعوا عن إضرابهم إلا بصدور أمر فوري يقضي بالتراجع عن عزل 57 قاضيا.
وعلى صعيد آخر، من المنتظر أن ينفذ الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما بالوظيفة العمومية الخميس القادم نظرا لعدم حصول اتفاق مع الحكومة.
وسيكون اجتماع الإثنين بين الحكومة واتحاد الشغل حاسما في مصير الإضراب، حيث سيتباحث الطرفان بخصوص التوافق في النقاط الخلافية وإلغاء الإضراب.