[ الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي (مواقع التواصل الاجتماعي) ]
كشفت صحيفة إندبندنت (Independent) البريطانية عن أن محادثات سرية جرت عام 2011 بين النظام الليبي والثوار المدعومين من قبل حلف شمال الأطلسي "الناتو" اقتربت من التوصل لحل ينهي الحرب الأهلية ويقنع الزعيم الليبي معمر القذافي بالتنحي عن السلطة.
وجاء في مقابلة حصرية أجرتها الصحيفة مع وزير الخارجية النرويجي السابق، جوناس ستور هي الأولى مع وسيلة إعلام دولية بشأن تلك المفاوضات، أن المحادثات السرية التي توسطت فيها النرويج واحتضنتها أوسلو بعد مرور شهرين على بداية الصراع مثلت أقرب فرصة شهدها العالم للتوصل لحل سلمي للحرب الأهلية في ليبيا التي اندلعت عام 2011.
ووفقا للصحيفة فقد اتفق طرفا الصراع الليبي آنذاك على مسودة تنص على تنحي الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي حكم البلاد 42 عاما، عن السلطة والإبقاء على مؤسسات الدولة قائمة، لكن الحوار انتهى بالفشل بسبب معارضة بعض القوى الدولية لإبرامه. وبعد فشل الحوار، تمكن الثوار -بدعم من "الناتو"- من أسر القذافي وقتله.
واتهم وزير خارجية النرويج السابق جوناس ستور، الذي توسط في التوصل للاتفاق، فرنسا وبريطانيا بمعارضة أي حل تفاوضي لإنهاء الصراع في ليبيا.
وقال ستور في المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة في الذكرى السنوية العاشرة لحملة القصف التي شنها "الناتو" ضد قوات النظام الليبي، "شعرت بأن العقلية السائدة في لندن وباريس لم توفر فرصا للتأمل حقا في الخيار الدبلوماسي".
وشكّك ستور في استعداد فرنسا وبريطانيا آنذاك للنظر في حلول للصراع أبعد من الحلول العسكرية، وقال إنه "لو كان هناك استعداد من المجتمع الدولي لمتابعة هذا المسار ببعض الجدية والتفاني، أعتقد أن فرصة كانت ستتوفر لتحقيق نتيجة أقل دراماتيكية وتجنب انهيار الدولة الليبية".
بعد نحو شهر من اندلاع الثورة الليبية، وبينما كان القذافي يتوعد بسحق المحتجين على نظامه في الشوارع، وكانت قوات أمنه تسحق الثوار بوحشية، وجّه نجله الأكبر، سيف الإسلام القذافي، دعوة لمسؤولين نرويجيين كبار إلى طرابلس للتفاوض.
وقال ستور إن اثنين من كبار المسؤولين النرويجيين كانا في القصر الرئاسي بطرابلس مع سيف الإسلام عند صدور قرار الأمم المتحدة بنيويورك في 17 مارس/آذار 2011 القاضي بالتدخل لمنع القذافي من قتل شعبه، وتم إجلاؤهما على عجل عبر الحدود إلى تونس من أجل سلامتهما، مع اقتراب أولى الغارات الجوية التي شنها "الناتو" ضد نظام القذافي.
وبالرغم من مشاركة النرويج في حملة القصف التي شنها "الناتو" بليبيا، فإن ذلك لم يمنع رئيس وزرائها آنذاك، ينس ستولتنبرغ، الذي يشغل الآن منصب الأمين العام لـ"الناتو"، من إصدار تعليمات لوزير خارجيته ستور بمواصلة المحادثات السرية بين الأطراف الليبية، واستضافتها في النرويج.
وبعد أسابيع من المحادثات المباشرة، تمكن ستور من تنظيم أول اجتماع مباشر بين كبار مسؤولي النظام والمعارضة في أحد فنادق أوسلو يوم 27 أبريل/نيسان 2011.
المحققون الليبيون عثروا على العديد من المقابر الجماعية في مدينة ترهونة بعد انسحاب قوات حفتر منها (رويترز)
ووفقا للصحيفة، فقد مثل محمد إسماعيل، اليد اليمنى لسيف الإسلام، نظام القذافي في تلك المفاوضات، في حين مثل علي زيدان، الشخصية البارزة في المجلس الوطني الانتقالي المعارض، الثوار الليبيين.
وبعد جولات من المفاوضات السرية، تمكّنت الأطراف المشاركة من وضع "خطة شاملة" لإنهاء الأزمة، جاء في السطر الأول منها، "قرر العقيد القذافي ترك السلطة والانسحاب وإنهاء المرحلة الأولى من الثورة".
وقال ستور إنه تحدث هاتفيا إلى سيف الإسلام للتأكد من نيل تلك الخطة الدعم من القيادة الليبية، وعرض الوسطاء النرويجيون الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أوسلو على الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ووفقا للصحيفة فقد أبدت وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك، هيلاري كلينتون، اهتماما بالاتفاق لكن وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا لم يبديا اهتماما به.