[ مصير ليبيا هو الذي سيحدد إن كانت عقيدة بن زايد ستحكم من أبراج دبي إلى ضواحي تونس أم لا (الجزيرة) ]
قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن التحفظ الدبلوماسي لم يعد مطلوبا هذه الأيام في بلد ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، الذي يحاول إعادة "استقرار قائم على السلطوية" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي مقال بقلم بينوا دلماس، قالت المجلة إن بن زايد قد حزم أمره ليسيطر على شمال أفريقيا، وذلك في إطار برنامج فكري يعمل كثورة مضادة منطلقها دول الخليج، وهو برنامج قد بلغ تأثيره المتنامي على وقع الأحداث الليبية، معظم العواصم الأوروبية.
وأشار الكاتب إلى ما اعتبره تخليا عن التحفظ الدبلوماسي عندما جلس سفير الإمارات في تونس إلى جانب مرشحة من المتعصبين للرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية.
تخريب التحولات الديمقراطية
وأضاف الكاتب أن الإمارات لم تعد تهتم بالخطب البلاغية بل تتصرف مباشرة، وهي ترسم مسارها من الخليج إلى المغرب الأقصى، وينقل الكاتب عن الباحث في العلوم السياسية سيباستيان بوسوا قوله إن "مجموعة محمد بن زايد -في سياق الفشل العام للربيع العربي ما عدا الحالة التونسية- ترى بضرورة عودة القادة المطمئنين وتخريب بعض التحولات الديمقراطية، على شاكلة الانقلاب في مصر".
ويضيف الباحث أن هذه الدولة الصغيرة الغنية التي كان يسكنها صيادو اللؤلؤ، قد أصبحت إمارة نفطية بفضل اكتشاف الذهب الأسود، وتسلمت القيادة في العالم العربي، وهي بالنسبة له تجسد رؤية "استعادة الاستقرار الأمني بتنصيب حكم البيادق وخنق كل بديل ديمقراطي".
بلدان تجذب اهتمام بن زايد
ولفت الكاتب النظر إلى أن الإمارات منحت نواكشوط ملياري دولار وهو مبلغ ضخم (40% من الناتج المحلي) بالنسبة لموريتانيا، التي نادرا ما يشار إليها عند الحديث عن المنطقة المغاربية، وذلك خلال الزيارة الرسمية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لأبو ظبي.
وربط الكاتب بين هذه الهدية ومشاركة نواكشوط في التحالف المناهض للحوثيين في اليمن، حيث أصبحت الحرب مستنقعا دمويا، من جهة، وبين عملها من جهة أخرى ضد الإرهاب على أراضيها، رغم العدوى الجهادية في منطقة الساحل، في مالي وبوركينا فاسو بشكل أساسي.
ونبه الكاتب إلى أن هذه الحالة نادرة ويجب التنويه بها، لأن الإمارات رغم ثروتها الهائلة، لا تمنح إعاناتها تكرما فقط، إذ يقول دبلوماسي إن "هناك دائما مقابلا"، حيث إن الإمارات عندما كان من الضروري تمويلها قوة الساحل منحت القليل وطالبت بالكثير.
الشرق الأوسط الكبير
ورغم بدء المفاوضات في جنيف بين حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا وبين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فإن الاشتباكات في طرابلس تتزايد يوما بعد يوم، فقد جرى قصف الميناء وأوقف تصدير النفط تقريبا لخنق العاصمة.
ورغم عمره البالغ 78 عاما، يواصل حفتر الموالي السابق للقذافي والذي مر بعد ذلك بوكالة المخابرات المركزية الأميركية، حملته منذ 4 أبريل/نيسان 2019 لغزو العاصمة الليبية بمصرفها المركزي ومقر شركة النفط فيها حيث العملة الصعبة، فمن الراعي الرسمي لكل هذا؟ يتساءل الكاتب، ليرد إنها أبو ظبي، حيث يريد برنامج بن زايد سحق الحكومة الرسمية "المقربة من جماعة الإخوان المسلمين" بأي ثمن رغم أن الأمم المتحدة هي التي أنشأتها.
وسيكون فوز حفتر تاجا إضافيا لمحمد بن زايد بعد ست سنوات من الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي في مصر على الرئيس الراحل المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، كما يقول الكاتب، مشيرا إلى أن بن زايد -عندما نسيت السلطات الألمانية في مؤتمر برلين حول ليبيا دعوة المغرب وتونس- ذهب للقاء ملك المغرب محمد السادس بعد ذلك مباشرة، وسرع وتيرة دعمه لحفتر، حيث تهبط طائراته بانتظام في الشرق الليبي حاملة أسلحة جديدة.
إنه مشروع "الشرق الأوسط الكبير الذي أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب عام 1991"، كما يقول الباحث في العلوم السياسية سيباستيان بوسوا، ملاحظا أن "الإمارات هي تلميذ الأميركيين النجيب، فهم يخسرون كل حروبهم كالولايات المتحدة منذ فيتنام".
وختمت الصحيفة بأن مصير ليبيا هو الذي سيحدد إن كانت عقيدة بن زايد ستحكم من أبراج دبي إلى ضواحي تونس أم لا.