طلبت حكومة الوفاق الليبية رسميا من تركيا تقديم دعم عسكري لمواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وبينما أعلنت الجزائر نيتها اتخاذ إجراءات جديدة في الملف الليبي، أكدت تونس تمسكها بالحياد، وأبدت روسيا رفضها للتدخل الخارجي.
وقد نقلت وكالة رويترز أن حكومة الوفاق الليبية طلبت رسميا من تركيا دعما عسكريا بحريا وبريا وجويا.
ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الخميس أن حكومته طلبت تفويضا من البرلمان لإرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في مواجهة قوات حفتر.
وقد فتح الرئيس أردوغان الطريق لتدخل عسكري تركي مباشر في ليبيا بإعلانه عن تصويت قريب في البرلمان على إرسال جنود لدعم حكومة الوفاق الوطني.
ولتبرير هذا التدخل، أكدت تركيا أن حكومة الوفاق معترف بها من قبل الأمم المتحدة، بينما حفتر لا يتمتع بشرعية دولية رغم أنه يحصل على مساعدة من بعض الدول.
وكشف أردوغان أن البرلمان التركي سيدرس في يناير/كانون الثاني المقبل مذكرة تنص على السماح بإرسال جنود إلى ليبيا من أجل دعم حكومة الوفاق الوطني.
وقال في خطاب بالعاصمة أنقرة "سنقدم المذكرة لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان" يوم 7 يناير/كانون الثاني المقبل.
وأضاف الرئيس التركي "إن شاء الله سنكون قادرين على إقراره يوم 8 أو 9 يناير/كانون الثاني وعلى تلبية دعوة الحكومة الليبية الشرعية".
وتابع "سندعم بكل الوسائل حكومة طرابلس التي تقاوم جنرالا انقلابيا تدعمه دول عربية وأوروبية"، في إشارة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
حلف جديد
من جانبه، أعلن المجلس الأعلى الجزائري للأمن أنه بصدد اتخاذ جملة من التدابير "لحماية حدودنا وإقليمنا وتفعيل دورنا بملفي ليبيا ومالي".
وفي لقاء هو الأوّل من نوعه منذ العام 2013، انعقد اليوم الخميس في العاصمة الجزائرية المجلس الأعلى للأمن لدراسة الأوضاع في المنطقة، خصوصا على الحدود مع ليبيا ومالي.
وحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فقد "قرر المجلس الأعلى للأمن جملة من التدابير يتعين اتخاذها لحماية الحدود، كما قرر الرئيس تبون عقد اجتماعات للمجلس الأعلى للأمن بصفة دورية وكلما اقتضى الوضع ذلك".
وفي وقت سابق، قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا إن حكومته ستطلب من تركيا رسميا دعمها عسكريا، "وهذا سيكون لمواجهة القوات المرتزقة التابعة لخليفة حفتر" التي تستغل "قواعد ومطارات لدول أجنبية".
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لباشاغا اليوم الخميس في العاصمة التونسية خصّص لتوضيح مجريات الأحداث في ليبيا.
وشدد باشاغا خلال المؤتمر نفسه على أنه سيكون "هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر، وسنكون في حلف واحد، وهذا سيخدم شعوبنا واستقرارنا الأمني".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زار تونس أمس الأربعاء وبحث مع نظيره قيس سعيد الوضع في ليبيا. وقد أكد الجانبان دعمهما لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وشدد الرئيسان على ضرورة الإسراع في وقف إطلاق النار بليبيا في أقرب وقت.
ولكن الرئاسية التونسية أكدت اليوم الخميس تمسكها بالحياد في الملف الليبي، مشيرة إلى أنها لن تقبل بأن تكون عضوا في أيّ تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبدا أن يكون أيّ شبر من ترابها إلا تحت السيادة التونسية وحدها.
وفي الوقت نفسه، شدد الاتحاد التونسي للشغل على أن حل الأزمة الليبية لن يكون إلا بين الليبيين أنفسهم.
قلق روسي
من جانبه، أعرب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن قلق بلاده إزاء الأوضاع في ليبيا، وأكد معارضتها للتدخل الخارجي في الأزمة الليبية "لكونه لن يسهم في حلها".
ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن بيسكوف القول "فيما يتعلق بالوضع في ليبيا، إنه بالتأكيد مثير للكثير من القلق.. وقد أكدنا مرارا أن روسيا مهتمة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية في أسرع وقت ممكن من أجل وقف إراقة الدماء".
وحول إعلان الرئيس التركي عزمه تمرير تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا، قال بيسكوف "نعتقد أن التدخل الأجنبي لن يساعد في تسوية الوضع".
وردا على سؤال إن كان لدى الكرملين معلومات حول وجود مرتزقة روس في ليبيا، قال بيسكوف "في الواقع، تحولت ليبيا إلى مأوى للمرتزقة من دول عدة، وكذلك للإرهابيين".
واعتبر أن هذا "نتيجة لسلوك معروف من دول معروفة تهدف إلى تدمير الدولة الليبية".
وقال بيسكوف إنه "لا خطط حاليا" لإجراء اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي حول ليبيا، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه يمكن ترتيبها في أي لحظة.
موقف مصري
وفي مصر طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بوجود جيش ليبي موحد، وقال إن بلاده تسعى إلى حل سياسي في ليبيا، مؤكدا أن هناك ما سماها إرادة لإيجاد صيغة حل للأزمة.
وجاء في تصريحات للسيسي أن "منطقة المتوسط والشرق الأوسط محل اهتمام كبير من دول العالم.. أتصور أن عدم استقرار الدول الكبيرة سينعكس بالسلب على كل الإقليم.. هناك إرادة لإيجاد صيغة حل".
وأضاف أن "من مصلحتنا أن يكون هناك استقرار في ليبيا، وأن تكون هناك حكومة شرعية في ليبيا، وأن تكون هناك وحدة للأراضي الليبية، وأن تكون إرادة الشعب الليبي نافذة".