أكدت منظمة الأمم المتحدة على ضرورة إجراء تحقيق مستقل في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بينما نددت تركيا ومنظمات حقوقية بالأحكام المتعلقة بالقضية التي أعلنتها النيابة العامة السعودية أمس الاثنين.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام الأممي إن الأخير يؤكد على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وغير متحيز في جريمة القتل لضمان التدقيق الكامل في الانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان والمحاسبة عليها.
وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشدد على التزام الأمم المتحدة بضمان حرية التعبير وحماية الصحفيين، مؤكدا أن المنظمة الدولية تتمسك بموقفها المعارض لعقوبة الإعدام.
وبرأت النيابة السعودية ثلاثة مسؤولين بارزين من جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، بينما صدرت أحكام بالإعدام والسجن على ثمانية أشخاص لم يكشف عن أسمائهم.
وقال متحدث باسم النيابة السعودية في مؤتمر صحفي إنه صدرت أحكام ببراءة سعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد السعودي، والقنصل السعودي في إسطنبول محمد العتيبي، واللواء أحمد عسيري النائب السابق لمدير الاستخبارات، موضحا أنه لم توجه لهؤلاء الثلاثة أي اتهامات في جريمة خاشقجي، وتم الإفراج عنهم.
في المقابل، أعلنت النيابة السعودية صدور أحكام بإعدام خمسة أشخاص وسجن ثلاثة لفترات تبلغ في مجملها 24 عاما. ولم يكشف عن أسماء المحكوم عليهم، ونفت النيابة وجود نية مسبقة للقتل.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية التركية إن الأحكام الصادرة عن القضاء السعودي أبعد ما تكون عن تلبية تطلعات أنقرة والمجتمع الدولي إلى تسليط الضوء على جميع جوانب جريمة خاشقجي.
أما رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون فاعتبر أن قرار القضاء السعودي حول قضية مقتل خاشقجي "مجرد استهزاء بذكاء العالم بأسره"، مضيفا أن أنقرة ستواصل جهودها من أجل كشف جميع تفاصيل الجريمة.
ردود فعل دولية
وفي ردود الفعل الدولية، قال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي آدم شيف في تغريدة عبر تويتر إن هذه الأحكام استمرار لمساعي المملكة للنأي بالقيادات السعودية -ومن ضمنها ولي العهد- عن الاغتيال الوحشي للصحفي خاشقجي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة.
وأضاف شيف أن جريمة القتل كانت متعمدة، ولم تكن نتيجة قرار مفاجئ أو عملية شاذة، على حد قوله.
كما قال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية إن واشنطن تعتبر الأحكام الصادرة في قضية خاشقجي "خطوة مهمة" لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن أميركا تحث السعودية على مواصلة عملية قضائية تتسم بالنزاهة والشفافية.
من جهته، طالب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الرياض بضمان محاسبة جميع المسؤولين عن تلك الجريمة وعدم تكرارها، مضيفا في بيان بشأن الأحكام الصادرة أن عائلة خاشقجي "تستحق أن ترى العدالة تتحقق في قضية قتله الوحشي"، مؤكدا موقف بلاده المبدئي الرافض لتنفيذ عقوبة الإعدام في كل الظروف.
مثيرة للسخرية
بدورها، اعتبرت مقررة الأمم المتحدة لحالات الإعدام خارج نطاق القانون أنييس كالامار أن الأحكام الصادرة على المتهمين بقتل خاشقجي مثيرة للسخرية، مضيفة أن "الرؤوس المدبرة لجريمة خاشقجي ليست حرة فحسب، بل لم تتأثر تقريبا بالتحقيق والمحاكمة، وهذا هو نقيض العدالة".
وقال المتحدث باسم منظمة "هيومن رايتس ووتش" أحمد بنشمسي في مقابلة مع الجزيرة إن الأحكام الصادرة أبعد ما تكون عن تحقيق العدالة، موضحا أن الغموض لف هذه القضية التي أحيطت بالسرية منذ بدايتها وحتى الآن.
أما مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية لين معلوف فقالت إن الأحكام الصادرة في قضية خاشقجي "تستخدم للتبييض ولا تحقق العدالة للراحل وأقاربه"، مشيرة إلى أن المحاكمة التي جرت في السعودية غير عادلة.
يشار إلى أن السلطات التركية اتهمت نظيرتها السعودية بإرسال فريق من 15 شخصا -بينهم مسؤولون أمنيون- لقتل خاشقجي في إسطنبول بعد استدراجه إلى القنصلية. وطالبت أنقرة بتسليم المتهمين لمحاكمتهم في تركيا، لكن السلطات السعودية رفضت ذلك وأعلنت فتح تحقيق في القضية ومحاكمة المتورطين فيها وفقا للقانون السعودي.