[ فاتو بنسودا المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية ]
قدّمت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، طلباً للدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية تطلب فيه تقديم حكماً بشأن الولاية الجغرافية للأراضي الفلسطينية، وسط ترحيب فلسطيني.
وأعلنت المدعية العامة، اليوم الجمعة، خلال مقطع مصور بثته: "أنه وبناء على تحليل مستقل وموضوعي لكافة المعلومات المتوفرة لدى مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية بشأن الحالة في فلسطين فقد قررت أن كافة المعايير لفتح التحقيق الجنائي قد توافرت، ما يعني أنها جاهزة لفتح تحقيق".
واستدركت: "لكن بناء على ميزة الحالة في فلسطين والتعقيدات القانونية الكبيرة المرافقة لها، فقد قررت اللجوء إلى الدائرة التمهيدية الأولى لطلب حكم منها بشأن الولاية الإقليمية على الأراضي الفلسطينية".
وتابعت: "طلبت من الدائرة التمهيدية الأولى تأكيد أنها تمتلك ولاية لممارسة اختصاصها على كل من الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة، وهذا الاستنتاج هو لأغراض حصرية من أجل تحديد ولاية المحكمة من أجل ممارسة اختصاصها القضائي ونطاق تطبيق ميثاق روما".
وأكدت مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أنه "وحسب قانون المحكمة الجنائية فإن لدى الدائرة التمهيدية من تاريخ بدئها في التكليف مدة أقصاها 120 يوماً يكون في نهايتها البدء الحقيقي في إجراءات التحقيق ضد الاحتلال الإسرائيلي".
فلسطين ترحّب
من جهتها، رحبّت وزارة الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين، بهذا الإعلان كخطوة للمضي قدما نحو فتح التحقيق الجنائي الذي طال انتظاره في الجرائم التي ارتكبت وترتكب في أرض دولة فلسطين المحتلة، بعد ما يقارب خمس سنوات من بدء الدراسة الأولية في الحالة في فلسطين.
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان لها، اليوم الجمعة، أنها أخذت علماً بقرار مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، الطلب من الدائرة التمهيدية في المحكمة إصدار قرار، بموجب المادة 19 (3) من ميثاق روما، للبت في اختصاصها الإقليمي في فلسطين.
وأكدت دولة فلسطين أنها ستشارك في الإجراءات القضائية التي ستبدأ أمام المحكمة الجنائية الدولية للتأكيد على أن مسألة الولاية الإقليمية هي مسألة محسومة بالفعل وبشكل واضح بموجب القانون الدولي.
وأشارت، في هذا السياق، إلى أن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها التي تتخذها المدعية العامة منذ إعلانها بدءالدراسة الأولية بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني 2015.
ورأت أن هذه الخطوة إنما تعكس نية المدعية العامة بفتح التحقيق الجنائي في الحالة في فلسطين فور اختتام الدائرة التمهيدية لمداولاتها وصدور القرار الإيجابي بشأن اختصاصها الإقليمي.
وأضافت "تلاحظ دولة فلسطين أن المدعية العامة قد أكدت سابقاً أنها تمتلك اختصاصاً قضائياً على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن هنالك أساساً معقولاً يفيد بارتكاب جرائم على أرض دولة فلسطين تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".
وطالبت خارجية دولة فلسطين "بضرورة إصدار حكم عاجل من الدائرة التمهيدية الأولى، بما يتماشى مع الإطار الزمني المحدد في دليل ممارسات المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي ترى أنه سيتيح للمدعية العامة المضي قدماً في فتح التحقيق الجنائي دون أي تأخير إضافي".
عريقات: إحقاق العدالة
بدوره، قال رئيس اللجنة الوطنية المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية صائب عريقات إن قرار مكتب المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، خطوة إيجابية ومشجعة تقرّب فلسطين من فتح التحقيق الجنائي في جرائم الحرب التي ارتكبت فيها.
وأضاف عريقات في بيان، أن الخطوة من شأنها وضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، وتسهم في منعها وصولاً إلى إحقاق العدالة.
وأوضح أن هذه الخطوة "تأكيد لموقفها حول وجود اختصاص قضائي لديها للنظر في الجرائم المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بفلسطين، وهي خطوة أخيرة نحو فتح التحقيق الجنائي، ورسالة أمل لأبناء شعبنا بأن تحقيق العدالة ممكن، وأن الانتصاف لضحايا الاحتلال بات قريباً".
وأعرب عن أمله بأن تنهي الدائرة التمهيدية مشاوراتها، من أجل إنهاء الدراسة الأولية، والتحرك فوراً بإجراء التحقيق، مشدداً على أن أي تأخير يكلف شعبنا مزيداً من الدماء والجرائم المرتكبة بحقه يومياً.
وعن ردود الفعل الإسرائيلية على هذه الخطوة وإدعائها بعدم وجود اختصاص قضائي للمحكمة على أرض فلسطين، أشار عريقات إلى أن إسرائيل تضع قوانينها المُصمّمة من أجل شرعنة الاحتلال والاستيطان والضم فوق القانون الدولي، وتتنافى بشكل كامل معه، خاصة أنه يؤكد حق دولة فلسطين في السيادة على أرضها حتى حدود 1967 بما فيها القدس الشرقية.
وذكر أنه وفقاً لميثاق روما، فإن "انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية يعطي المحكمة كامل الصلاحية القانونية لملاحقة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال فوق الأرض الفلسطينية".
المالكي لنتنياهو: نعم هذا هو يوم أسود
من جهته، ردّ وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي على تعقيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قرار بنسودا، إذ قال "نعم هذا هو يوم أسود بتاريخ إسرائيل، لأن المحكمة قررت بعد توفر كل الأدلة والبراهين أن هناك ما يكفي لفتح تحقيق جنائي ضد إسرائيل لارتكابها ما يصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأضاف الوزير المالكي، "يجب على إسرائيل أن تتعظ من هذا القرار لأنها أصبحت في مصاف الدول التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودخلت نادي الدول المارقة والمنبوذة والمجرمة والتي يجب أن تحاسب على تلك الجرائم".
واكد المالكي أن القرار "انتصار للعدالة وللحق الفلسطيني، وانتصار لكل فلسطيني ظلمته دولة الاحتلال، وارتكبت بحقه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأضاف الوزير المالكي، "كما هي العادة يختبئ نتنياهو خلف الحجج الباهتة ويحاول أن يدعي أن هناك معاداة السامية عندما تحاسب إسرائيل كدولة احتلال على جرائمها".
وقال المالكي: "هذا الادعاء لن يجد له طريق في محكمة الجنائية الدولية، ربما ينجح سياسيا من خلال حلفائه في بعض البرلمانات الوطنية الأوروبية، لكن ليس قانونيا عندما يأخذ القانون مساره، وعندما ينظر إلى ما تقوم به إسرائيل كدولة احتلال من خرق للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية بما فيها اتفاقيات جنيف".
وكان نتنياهو قد انتقد قرار المحكمة الدولية قائلاً "هذا يوم أسود للحقيقة والعدل. يحولون المحكمة الدولية لسلاح سياسي في الصراع ضد إسرائيل، هذه مفارقة. نحن نناضل من أجل حقوقنا ومن أجل الحقيقة التاريخية بكل طريق ممكن. المدعية في محكمة الجنايات الدولية (فاتو بنسودا) قررت على ما يبدو عدم رفض الشكوى الفلسطينية ضد دولة إسرائيل. هذا القرار فضيحة لا أساس له".