دعت دول ومنظمات إلى الهدوء والاستقرار والتعاون بين الأطراف السياسية في لبنان، بعد أن أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري يوم أمس استقالة حكومته استجابة لمطالب المحتجين، الذين خرجوا للشوارع منذ نحو أسبوعين مطالبين باستقالة الحكومة وإسقاط النظام الطائفي المتحكم في الساحة السياسية اللبنانية منذ عقود.
فقد دعت إيران الثلاثاء إلى الوحدة بين الجماعات السياسية في لبنان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي إن طهران "تدعو إلى الوحدة والتعاطف بين جميع الطوائف والأحزاب السياسية في لبنان، من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد وتحقيق المطالب المشروعة للشعب اللبناني".
وأضاف موسوي -في بيان -أن إيران تأمل بأن يجتاز لبنان حكومة وشعبا "هذه المرحلة الخطيرة والحساسة بنجاح".
رسالة واضحة
ومن جهته حث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الزعماء السياسيين في لبنان على المساعدة في تشكيل حكومة جديدة تلبي احتياجات شعبها.
وقال بومبيو في بيان يوم أمس الثلاثاء إن "المظاهرات السلمية ومظاهر التعبير عن الوحدة الوطنية في الـ13 يوما الماضية بعثت برسالة واضحة. الشعب اللبناني يريد حكومة تتسم بالكفاءة والفاعلية وإصلاحا اقتصاديا ونهاية للفساد المستشري".
وأكد أن "أي أعمال عنف أو تصرفات استفزازية ينبغي أن تتوقف"، داعيا "الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية إلى مواصلة ضمان حقوق وسلامة المتظاهرين".
وبدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الثلاثاء إلى "الهدوء وضبط النفس" في لبنان.
اعلان
وقال فرحان عزيز حق المتحدث باسم غوتيريش إن الأخير "يدعو كل الفاعلين السياسيين إلى البحث عن حل سياسي للحفاظ على استقرار البلاد والتجاوب مع تطلعات الشعب اللبناني".
كما دعا غوتيريش أيضا إلى احترام حق التعبير وحق التجمع السلمي، وتجنب اللجوء إلى العنف.
واندلعت الاحتجاجات في لبنان قبل نحو أسبوعين رفضا لمشروع حكومي لزيادة الضرائب على المواطنين في موازنة 2020، لتوفير موارد جديدة.
وتراجعت الحكومة أمام المحتجين، في 21 من الشهر الجاري، عبر إقرارها موازنة 2020 من دون ضرائب جديدة على المواطنين، واتخاذ إجراءات أخرى، منها خفض رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين إلى النصف، لكن المحتجين كانوا قد رفعوا سقف مطالبهم.
ويوم أمس أعلن الحريري تقديم استقالته من رئاسة الوزراء بعدما وصل إلى "باب مسدود" في مساعيه لإيجاد حل للأزمة التي تشهدها البلاد.
بانتظار المشاورات
من جهة أخرى قال مصدر مقرب من الرئيس اللبناني ميشال عون إن شكل الحكومة المقبلة لم يتضح بعد وسيتم بحثه خلال الأيام المقبلة.
وأشار المصدر في تصريح لوكالة الأناضول إلى أن نواب البرلمان سيحددون شخصية رئيس الوزراء الجديد من خلال المشاورات مع رئيس البلاد.
وأكد أنه لم يتحدد حتى الآن موعد إجراء الرئيس الاستشارات اللازمة لتعيين رئيس حكومة جديد، مستبعدا أن يكون موعد تشكيل حكومة جديدة خلال وقت قريب.
وشهد يوم أمس الثلاثاء بعض أعمال العنف عندما قام أنصار لحزب الله وحركة أمل بمهاجمة المعتصمين في وسط بيروت وإحراق بعض خيمهم من دون وقوع إصابات.
أجواء احتفالية
وشهدت مختلف المناطق اللبنانية أجواء احتفالية عقب إعلان الحريري استقالة حكومته. ودعت مجموعات مشاركة في الحراك إلى فتح الطرقات وإنهاء الإضراب، لكنها أكدت على استمرار الاحتجاجات في الساحات.
وفي بيروت عاد المحتجون إلى وسط المدينة حيث أكدوا تمسكهم بكل مطالبهم، وخصوصا إزاحة كل رموز الطبقة السياسية الحاكمة، كما تواصلت المظاهرات في طرابلس شمالي لبنان، حيث أكد المحتجون استمرارهم في الحراك حتى تتحقق جميع مطالبهم التي خرجوا من أجلها.
وشهدت صيدا أيضا أجواء تفاعل فيها المتظاهرون مع إعلان الاستقالة، حيث أبدى سكانها حرصهم على مواصلة الاعتصامات واستكمال مسيرة التغيير التي خرجوا من أجلها.
وفي بيروت أيضا قطع مؤيدون لتيار المستقبل طرقات احتجاجا على استقالة الحريري بمفرده، دون بقية الطبقة السياسية الحاكمة. وطالب مؤيدو الحريري باستقالة كل من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وقالت ما تعرف بحركة "شباب الثورة" في بيان، إن إعلان استقالة الحكومة "ليس إلا المرحلة الأولى"، ودعت إلى "تأليف حكومة مصغّرة حيادية مستقلّة من المتخصصين (...) تحضيرا لانتخابات نيابية مبكّرة".
وشددت على أن "تعطيل الدولة وشلل البلاد يقتضي الامتثال للقضاء والمحاسبة، وإعادة الأموال المنهوبة، بعد إنشاء محكمة محلية دولية".