نشرت صحيفة "سانت غالن تاغ بلات" السويسرية تقريرا تناولت فيها ما قالت إنها انتقادات حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم، للسياسة الخارجية لأبو ظبي، "حيث دأبت الحكومة الإماراتية منذ بداية ثورات الربيع العربي، "على التدخل في شؤون عدة دول في المنطقة، لعل أبرزها اليمن، ولم يكن محمد بن راشد هو الشخص الوحيد الذي انتقد هذه السياسة في الإمارات".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الإمارات "أنشأت قبل سنتين وزارة السعادة بهدف إعلاء قيم المجتمع، وفي الأثناء، يعد انتقاد العائلة المالكة، في الإمارات السبع، التي تطل على الخليج العربي، غير مسموح به. وفي حال انتقد شخص ما أحد أفراد العائلة المالكة فسيواجه تهمة العيب في الذات الملكية".
"أمر قذر"
وتضيف: "هناك رجل بالفعل وجه انتقادا للعائلة المالكة، واستطاع تحمل تبعات ذلك. ففي العديد من تغريداته، انتقد الحاكم المعروف لإمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، سياسة تدخل بعض الحكام العرب في شؤون دول أخرى في الشرق الأوسط، دون أن يذكر اسم أي حاكم منهم. وفي إحدى تغريداته، قال الشيخ محمد بن راشد: "علمتني الحياة أن التدخل في شؤون دول الوطن العربي هو مضيعة للوقت، وأمر قذر جداً، وكذلك إهدار للموارد".
ونوه الشيخ محمد بن راشد ذات مرة -والحديث للصحيفة- إلى أنه "في حال أراد شخص ما تقديم أمر عظيم لشعبه، فعليه أن يولي وطنه الأولوية العظمى وليس الدول الأخرى"، موضحة: "في الحقيقة، لقد كان ذلك النقد موجها بالأساس لولي عهد أبو ظبي، والرجل الأقوى في الإمارات السبع، الشيخ محمد بن زايد".
وبيّنت الصحيفة أن محمد بن زايد "قرر إبان ثورات الربيع العربي، التخلي عن السياسة المتحفظة لدولة الإمارات، التي عرفت بها منذ فترة طويلة، والتدخل بقوة في المسائل الداخلية لبلدان الربيع العربي. وبالفعل، لعبت القوات الإماراتية دوراً بارزاً في القضاء على ثورة الشيعة في دولة البحرين، كما أنها ساهمت بقوة في إسقاط الدكتاتور الليبي، معمر القذافي".
التدخل في اليمن
وأضافت: "عندما استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، في مطلع سنة 2015، اتفق كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد على تقسيم المهام بينهما في اليمن. فبينما كان سلاح الجو السعودي يقصف شمال صنعاء، تمكنت القوات الإماراتية من الاستيلاء على مدينة عدن الإستراتيجية، وتأمين مدخل البحر الأحمر".
وترى الصحيفة أن "تلك العملية المناسبة الأولى، التي يبرهن فيها جيش أبو ظبي، الذي يضم مرتزقة من كولومبيا والسودان، على الدور الفعّال الذي يمكن أن يلعبه في المنطقة حيث أثنت الولايات المتحدة الأمريكية على تلك الجهود".
وتقول إنه "حتى الآن لقي قرابة 150 إماراتي حتفهم جراء التدخل المستمر في اليمن، ولعل تلك الدماء التي سالت خارج الإمارات، تعد السبب الرئيسي الذي دفع الشيخ محمد بن راشد إلى أن يدعو إلى أن تكون "الأولوية للوطن".
"مليشيات إماراتية"
وتلفت الصحيفة إلى أن نجل حاكم إمارة الفجيرة، "أخذ صف محمد بن راشد، منتقدا سياسة أبو ظبي الخارجية، واتهم الشيخ راشد بن حمد الشرقي حكومة أبو ظبي بأنها تخفي الأعداد الحقيقية للقتلى الإماراتيين في اليمن، كما اتهمها أنها تهدف إلى تصفية منتقديها. أما منظمات حقوق الإنسان فكانت آخر منتقدي حكومة أبو ظبي".
فعلى سبيل المثال، تضيف الصحيفة، "اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" خلال السنة الماضية حكومة أبو ظبي بارتكاب جرائم حرب في اليمن ووثقت 49 حالة عنف شديد قامت بها الإمارات، وعلى الفور، بادرت الإمارات بترحيل بعض المشتبه بهم في تلك الجرائم إلى إريتريا، التي أقامت فيها أبو ظبي قاعدة عسكرية، تهدف إلى تدريب الميليشيات المقاتلة في اليمن".
"الممرات الملاحية"
وتؤكد الصحيفة أن "أهداف محمد بن زايد، باتت واضحة، ففي الواقع، يسعى إلى السيطرة على الممرات الملاحية في خليج عدن والبحر الأحمر، بيد أن ميناء الحُديْدة، المحاصر من قبل القوات الإماراتية، لا زال في قبضة الحوثيين".
وتنقل الصحيفة حديثا للخبير في الشؤون اليمنية، جوناثان فنتون هارفي لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني الإخباري قال فيه إن "الاستقرار المزعوم في اليمن سيكون ثمنه انقسام دائم، وكذلك وجود إمارة ثامنة تابعة لأبو ظبي في مدينة عدن".
وأوردت الصحيفة أنه "وفقا لمعلومات صادرة من الولايات المتحدة، بلغ الإنفاق العسكري لدولة الإمارات سنة 2016 نحو 23.5 مليار دولار. وقبل عشر سنوات، منح محمد بن زايد إمارة دبي حوالي عشر مليارات دولار لإنقاذها من الإفلاس. وعلى الرغم من ذلك، لم يتوان الشيخ محمد بن راشد عن انتقاد شقيقه الأكبر"، وفق تعبيرها.
وتختم الصحيفة تقريرها بالقول إن "السياسيين العرب الذين عمدوا للرد على حاكم دبي لانتقاده لأبو ظبي، يريدون تحديد مجريات الأمور في المنطقة دون أن ينتقدهم أحد، وكان من المفترض أن يفسحوا المجال للمتخصصين من أجل أن يقودوا البلاد نحو الازدهار، وجعل حياة المواطنين أسهل".