حاكم الخرطوم: الشعب السوداني يقف خلف الجيش
- الأناضول الثلاثاء, 31 ديسمبر, 2024 - 12:37 مساءً
حاكم الخرطوم: الشعب السوداني يقف خلف الجيش

قال والي (حاكم) الخرطوم أحمد عثمان حمزة إن "الشعب السوداني يقف خلف القوات المسلحة في القتال ضد مليشيا الدعم السريع" المتواصل منذ أبريل/ نيسان 2023.

 

وذكر في مقابلة مع الأناضول، أن "المواطنين السودانيين يقفون خلف قواتهم المسلحة، ويصطفون فيما يعرف بالمقاومة الشعبية (متطوعون يقاتلون بجانب الجيش)".

 

وأوضح أن "الاصطفاف الشعبي خلف القوات المسلحة هو الذي قلب الموازين وخلط حسابات المليشيا وداعميها وأجبر المجتمع الدولي على سماع صوت الحكومة السودانية".

 

ومنذ أبريل 2023، خلّفت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

 

** الصدمة الأولى

روى حاكم الخرطوم تفاصيل الساعات الأولى لبداية القتال في العاصمة، قائلا: "في 15 أبريل 2023 عندما اندلعت الحرب، استطاعت المليشيا (الدعم السريع) التموضع في المواقع التي كانت فيها أصلا قبل الحرب، وأطلقت الرصاصة الأولى وهاجمت رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش (عبد الفتاح البرهان) في بيت الضيافة (القصر الرئاسي) وقتلت حرسه".

 

وأضاف حمزة: "دخلنا منذ هذا الوقت في حرب أصبحت تتمدد شيئا فشيئا، وكانت المليشيا تعتقد أنها ستختطف الدولة وتنفذ مخططها، نظرا لأعدادها الكبيرة من قوات وآليات وما حصلت عليه من إسناد قوى دولية (لم يذكرها)، وكان مستشارو المليشيا في الساعات الأولى داخل مبنى التلفزيون لإذاعة البيان الأول".

 

واستدرك حاكم الخرطوم: "لكن استطاعت القوات المسلحة والحكومة الاتحادية وحكومة الولاية امتصاص الصدمة الأولى للحرب والثبات حتى النهاية".

 

وأوضح أنه "بعد تلك الساعات العصيبة استعادت الحكومة توازنها وتعاملت مع الموضوع كتمرد مدعوم وكان لا بد من الحسم العسكري، ورغم فرض الميليشيا حصارا على مؤسسات الدولة لم يثن ذلك القوات المسلحة والقطاعات المدنية عن القيام بواجبها".

 

و"الدعم السريع" تشكلت في 2013 قوةً تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لمحاربة المتمردين على الحكومة في دارفور غربي السودان، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

 

وبعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، شاركت "الدعم السريع" في السلطة عبر تقلد قائدها محمد حمدان دقلو "حمديتي" منصب نائب رئيس مجلس السيادة، لحين اندلاع الحرب في 2023.

 

** نزوح غير مسبوق

وبشأن حركة النزوح الكبيرة جراء الحرب الحالية، قال حمزة إن "المليشيا عندما فشل مخططها لاختطاف الدولة، توجهت نحو إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم ما أدى إلى نزوح كبير جدا لم يشهده السودان في تاريخه الحديث".

 

وأردف أن "من بقي من المواطنين الذين تمسكوا بمنازلهم كان مصيرهم القتل أو الإرهاب ولم يسلم من ذلك حتى الأطفال".

 

ووفق حمزة "أجبرت المليشيا مؤسسات الدولة على التوقف عن العمل وتوجهت نحو المؤسسات المدنية بالتدمير والخراب والاحتلال، واستهدفت القطاعات الحيوية مثل قطاع الماء والكهرباء والقطاع الصحي".

 

وأضاف: "منعت المليشيا العاملين عن القيام بعملهم واستهدفت هذه المؤسسات واحتلت جزءا كبيرا منها وخربتها، ونهبت الأسواق والمؤسسات العامة والبنوك وما فيها من أموال".

 

وأشار إلى أن "المليشيا كانت تمتلك معدات حرب المدن وتمترست في مواقع كالبنايات العالية ونشرت قناصيها، وحفرت خنادقها وأغلقت الجسور لمنع انقضاض القوات المسلحة عليها، ولهذه الأسباب طالت المعركة".

 

** واقع جديد

وذكر حاكم الخرطوم أن القوات المسلحة السودانية طوال الفترة الماضية رتبت صفوفها ووضعت الخطط للتعامل مع واقع الحرب.

 

وتابع: "في مايو/ أيار 2023، وضمن مفاوضات جدة تم الاتفاق على إعلان مبادئ حدد شروطا للمليشيا بالانسحاب من منازل المواطنين وعدم التمدد لكنها لم تنفذ بنود هذا الاتفاق".

 

وأردف: "وافقت الحكومة على 3 هدن، لكن خرقتها المليشيا واستغلتها في ترتيب صفوفها وتهريب قادتها والحصول على الإمداد والسلاح".

 

ومنذ 6 مايو 2023، رعت السعودية والولايات المتحدة محادثات بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة للالتزام بحماية المدنيين والخروج من الأعيان المدنية، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الطرفين، ما دفع الوسيطين لتعليق المفاوضات.

 

** تحديات الخرطوم

وقال حمزة إن ولاية الخرطوم "بدأت منها الحرب، وبها 7 محليات (محافظات) تمددت المليشيا فيها بالتعديات التي ذكرناها سابقا".

 

وأضاف: "كانت أمامنا تحديات كبيرة في القيام بعملنا والتعامل مع هذه الظروف، لأن هناك مواطنين فضلوا البقاء في منازلهم وكان يلزمنا القيام بواجبنا تجاههم، وكان هناك نزوح كبير داخل الخرطوم وتوافد الناس واستقروا في محافظة كرري بأم درمان (شمال غربي العاصمة) بعد ترتيبات عسكرية".

 

وأكمل: "تزايد الناس يوما بعد يوم في محافظة كرري، بعدها كانت خطة القوات المسلحة دحر المليشيا، وبدأت بمحلية أم درمان وتم تحرير مناطق كبيرة جدا وتقدم الجيش بعد عبور جسر الحلفايا إلى مدينة بحري (شمال شرقي العاصمة)".

 

وزاد أن "العمليات العسكرية نشطة في بحري (..) ونواكب عملية دحر المليشيات وبعد تقدم قواتنا نقوم نحن كحكومة ولاية بعمليات كبيرة من رفع الجثث وإعادة الخدمات وتهيئة الأجواء لعودة المواطنين إلى منازلهم" .

 

وتتكون الخرطوم باعتبارها عاصمة السودان من ثلاث مدن: الخرطوم (وسط) وبحري (شمال شرق) وأم درمان (شمال غرب) وترتبط فيما بينها بجسور على نهري النيل الأزرق والنيل الأبيض.

 

ويسيطر الجيش السوداني حاليا على أجزاء واسعة من مدينة أم درمان ما عدا بعض المناطق القليلة جنوب وغربي المدينة.

 

وفي الأشهر الأخيرة، تقدم الجيش وسيطر مجددا على أحياء شمالي بحري، بينما لا تزال قوات الدعم السريع تنتشر شرقي المدينة.

 

أما في الخرطوم فاستعاد الجيش منطقة "مقرن النيلين" وسط العاصمة والقريبة من القصر الرئاسي ومقرات الوزارات، ويفرض سيطرته على مقر قيادته العامة قرب مطار الخرطوم الدولي وقاعدة "سلاح المدرعات"، بينما لا تزال "الدعم السريع" تسيطر على القصر الرئاسي وأحياء جنوب وشرقي الخرطوم.

 

** خطط الإعمار

وأشار حمزة إلى أن حكومة ولاية الخرطوم "تبنت خطط إعادة إعمار العاصمة على ثلاثة مستويات قصيرة ومتوسطة وطويلة، وبعد تحرير كل منطقة في الولاية نقوم بتطهيرها وتعقيمها وإعادة الخدمات فيها رغم الدمار الكبير، ثم ننتقل إلى المرحلتين بعدها".

 

وأضاف: "هذه المجهودات خلقت نوعا من الاستياء لدى المليشيا فأصبحت تستهدف المناطق الآمنة التي نخطط لإعادة الناس إليها، وهم يقصفونها بالمدافع يوميا".

 

واستدرك: "رغم هذا الاستهداف ومحاولات إبعاد المواطنين عن العاصمة، فإن المواطن السوداني أصبح يعرف أن عدوه الأول هو مليشيا الدعم السريع".

 

** تدخلات حكومية

وذكر والي الخرطوم أنه خلال هذه الظروف واستمرار تداعيات الحرب على المواطنين "قامت الحكومة الاتحادية بتدخلات فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب".

 

وأشار إلى أنه "رغم ضعف استجابة المجتمع الدولي للاحتياجات الإنسانية، فإن المواطنين حاليا في مواقع النزوح والإيواء ينعمون بخدمات الأكل والشرب والعلاج بتكافل المجتمع السوداني".

 

وأعرب حمزة عن شكره "للدول الشقيقة والصديقة التي دعمت السودان وبينها تركيا، وكذلك الإعلام الذي له دور كبير في توضيح الحقائق ومخاطبة الرأي العالمي لتبصيرهم بما يحدث في بلادنا".

 

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.


التعليقات