بدأت شركات الأدوية والمؤسسات الأكاديمية في محاولات إيجاد لقاح ضد فيروس كورونا (كوفيد-19)، وذلك مع استمرار ارتفاع حالات المصابين في جميع أنحاء العالم. وكما هو متعارف عليه عند تجربة اللقاح، يحتاج الكيميائي المختص إلى متطوعين لحقنهم بمصل (mRNA-1273)، واختبار النتائج للتأكد من فعاليتها.
وفي معهد واشنطن للأبحاث، بدأ الباحثون في اختبار أول لقاح تجريبي لفيروس كورونا، وكان أول من تطوع امرأة تدعى جينيفر هالر من سياتل، تبلغ من العمر 43 عاما، وتعمل مديرة عمليات في شركة تكنولوجيا صغيرة، حسب وكالة أسوشيتد برس.
هالر أم لشابين، وقد رحبا بتطوعها ووصفاه بأنه "شيء لطيف"، وفقا لموقع (إس بي إس) رغم أنها لم تصب بالفيروس، فإنها تطوعت للمشاركة بالتجربة من أجل المساعدة في مكافحة المرض الذي نال من أكبر أنظمة اقتصادية بالعالم.
بداية مغامرة التطوع
تقول هالر إنها عرفت بالتجربة قبل أسبوعين، بعدما وجدت إعلانا نشره أحد الأصدقاء على فيسبوك عن الحاجة إلى متطوعين لتجربة اللقاح، في الوقت الذي كانت تبحث فيه عن شيء تفعله يمكن أن يكون مفيدا. وعلى الفور قامت بملء الاستمارة المطلوبة للاشتراك، وهي تعرف أن هناك آلافا من المتطوعين غيرها يريدون أن تسنح لهم الفرصة لتقديم المساعدة.
وفي اليوم التالي، تلقت هالر مكالمة هاتفية من معهد الأبحاث أثناء تناول العشاء مع أحد الأصدقاء، ورغم أنها ترددت في الرد عليها، فإنها حسمت الأمر وتلقت المكالمة لتعرف أنه تم اختيارها للتطوع مع مسؤولي المعهد، وحينها شعرت بالسعادة لأنها لم تتجاهل الرد على هاتفها.
بدأت رحلتها التجريبية بعد مكالمة المعهد الهاتفية للتأكد من تاريخها الصحي، وذهبت في اليوم التالي لإجراء فحص بدني، وسحب عينات الدم، والحصول على مزيد من معلومات حول حالتها الصحية. وكانت النتائج جيدة لذا حدد لها المعهد موعدا للحصول على اللقاح الأول صباح الاثنين الماضي.
المال ليس دافعا
وعن المتابعة الصحية بعد اللقاح، أكدت هالر لموقع (ريفاينري 29) أنها خلال الأسبوعين المقبلين ستسجل أية أعراض صحية في دفترها ودرجة حرارتها اليومية، مع متابعة المعهد لها في يوم الحقن والذي يليه بالهاتف للاطمئنان على صحتها. وبعد ذلك تعود هالر إليه لسحب عينة دم أخرى، والتي تعاود تكرارها بعد أسبوع آخر.
وبعد أربعة أسابيع من أول لقاح، تبدأ هالر في الخضوع للحقن بالجرعة الثانية بعد تكرار الخطوات الإجرائية نفسها. وخلال الأشهر الأربعة عشر أو الثمانية عشر المقبلة، ستقوم بزيارة المعهد لسحب عينات الدم المطلوبة.
وعندما سئلت هالر عن المقابل المادي الذي عرض عليها، أكدت أنها لم تفعل ذلك مقابل المال، وأنه لا يكفي للقيام بما فعلته.
وتحكي هالر عن موطنها سياتل وكيف تنتشر فيه إصابات فيروس كورونا، حتى أنها بالكاد تستطيع مواكبة التقارير الأحدث للأعداد المصابة، والتي تنتشر بين دوائر معارف أصدقائها. وأعربت عن قلقها بشأن صحة والدتها التي تبلغ من العمر 70 عاما، وزوج أمها ذي الـ 85 عاما الذي يعاني من أزمة في التنفس (الربو)، مما جعله يلزم البيت في مدينة كينمور لمدة أسبوعين ونصف الأسبوع.
ثقة غلبت الخوف
عبرت هالر عن أملها الكبير بقولها إنها ستكون بخير، وعائلتها أيضا، وظهر تقديرها لحالها بعدما أعربت عن قلقها بشأن العديد من الأميركيين الذين لا يمتلكون الامتيازات التي تحظى بها عائلتها لتخطي الأزمة.
أنفقت هالر 250 دولارا لشراء السلع اللازمة من متجر بيع الجملة (كوسكو) الشهير في أميركا، ليكفي حاجاتها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهذا التصرف البسيط، لا يستطيع الكثير من الناس القيام به، فالأزمة الراهنة التي وصفتها بالمدمرة أدت إلى فقدان الناس وظائفهم، خاصة في مجال صناعة الطعام، ومجال الفنون، مما قد يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية للناس.
ويبدو أن الحالة الإيجابية النفسية مرتفعة لدى هالر، فبالرغم من قلق الأصدقاء عليها، فإنها واثقة من النتائج على الرغم من كونها لا تزال مجهولة العواقب ولم تجرب على بشر من قبل، وجانبٌ من اطمئنانها يعود إلى أن العلماء يجرون التجربة مستهدفين أحماض (آر إن أي)، إذ لا يحقن المتطوع بالفيروس الفعلي، وذلك على عكس المتعارف عليه في اللقاحات السابقة، مما يعني أنها طوال فترة التجربة لن تتعرض للإصابة بالفيروس الفعلي. وهي تعرف أن الخير الذي يمكن أن ينتج عن اللقاح أكبر بكثير من أي شيء يمكن أن يحدث لها، حتى وإن كان الأسوأ.
ووصفت نفسها بأنها شخص إيجابي لا يلتفت إلى الجوانب السلبية المحتملة، لذا لم تكن خائفة من التجربة، حتى أن بعض الأصدقاء طلب منها أن تخاف أكثر قليلا حيال ما يحدث. كما أنها تعلم أن الخطر المحتمل هو أن تكون نتائج اللقاح غير فعالة، لكن لا يوجد خطر على أي شخص حولها.
جدير بالذكر أنه تم تطوير اللقاح من قبل شركة التكنولوجيا الحيوية (موديرنا) بالاشتراك مع المعاهد الوطنية للصحة (إن آي أتش)، ويتم اختباره في معهد كايزر الدائم للبحوث الصحية بواشنطن في سياتل، بحسب ما نشر موقع فوربس.