[ اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان وقع السبت في الدوحة (الأناضول) ]
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء اليوم السبت بالاتفاق الذي وقعته بلاده مع حركة طالبان، وقال إنه سيلتقي قادة الحركة قريبا. كما أعرب مسؤولون حضروا التوقيع عن تفاؤلهم بحلول السلام في أفغانستان.
وفي مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، قال ترامب إنه سيلتقي قادة حركة طالبان "في وقت ليس ببعيد".
وأضاف ترامب أن على دول الجوار لأفغانستان المساعدة في الحفاظ على الاستقرار هناك، معربا عن اعتقاده بأن المفاوضات ستنجح في النهاية لأن "الجميع سئموا من الحرب".
ووصف الرئيس الأميركي الاتفاق الذي شهدته الدوحة بأنه "محوري"، وأنه جاء بعد "رحلة صعبة للجميع" في أفغانستان.
وفي وقت سابق من اليوم، قال ترامب في بيان إنه إذا التزمت حركة طالبان والحكومة الأفغانية بالاتفاق، فسيكون ذلك طريقا لإنهاء الحرب وإعادة القوات الأميركية إلى بلادها.
وأضاف في البيان أن الاتفاق خطوة مهمة لإحلال سلام دائم في أفغانستان جديدة خالية من تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وأي جماعة إرهابية تسعى لإلحاق الأذى بالولايات المتحدة، وفق تعبيره.
وأكد البيان أنه سيتم خفض عدد القوات في أفغانستان مع الإبقاء على قوات مكافحة الإرهاب "لتفكيك المجموعات الإرهابية".
حفل التوقيع
وخلال مراسم حفل التوقيع في الدوحة، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان هو الخطوة الأولى لإقامة السلام الشامل في أفغانستان، داعيا المجتمع الدولي إلى مواجهة تحديات هذا السلام.
وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن بلاده كانت مدركة لعدم جدوى أي حل عسكري للأزمة في أفغانستان، ولذلك بذلت جهودها لتقريب وجهات النظر بين مختلف أطراف الأزمة سياسيا، تمهيدا لاتفاق سلام شامل.
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال الحفل إن الولايات المتحدة وطالبان واجهتا عقودا من العمل العدواني وغياب الثقة، مؤكدا أن الحركة أثبتت أن بإمكانها تحقيق السلام عندما تقرر ذلك.
وأضاف بومبيو أمام ممثلين عن طالبان "التزموا بوعودكم حيال قطع العلاقات مع القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وواصلوا محاربة تنظيم الدولة الإسلامية حتى الانتصار عليه".
وتابع "توصلنا إلى سلسلة من التفاهمات وكلنا ثقة بأن الحكومة الأفغانية وطالبان تدركان أهمية الالتزم بها.. هذه لحظة تاريخية ونود أن نتأكد أنه لن تكون هناك هجمات إرهابية مستقبلا انطلاقا من أفغانستان".
لكن الوزير الأميركي حذر أيضا من أنه إذا لم تنفذ طالبان التزاماتها فلن تتردد بلاده في اتخاذ ما يلزم من قرارات، موضحا أن الولايات المتحدة ستحدد مستوى انسحابها من أفغانستان بناء على تنفيذ طالبان التزاماتها في الاتفاق الموقع اليوم.
وقدم بومبيو الشكر للدول المجاورة لأفغانستان -وخاصة باكستان- لما بذلته من جهود حتى تنعم الجارة الأفغانية بالسلام. كما ثمّن "دور قطر في دعم هذا الاتفاق التاريخي".
واعتبر أن بلاده ساهمت في تحسين حياة الشعب الأفغاني، وهو أمر تفتخر به، وقال "لدينا احترام للشعب الأفغاني، ونعرف أنه جاهز لتقرير مصيره".
أما الملا عبد الغني برادر نائب زعيم طالبان للشؤون السياسية فقال في كلمته "أهنئ الجميع بهذا الإنجاز ونحن ملتزمون بتنفيذ الاتفاق"، معتبرا أن الشعب الأفغاني يعاني منذ أربعة عقود ويأمل في حياة جديدة يسودها الرخاء.
وأضاف برادر أن طالبان تدخل مرحلة العمل السياسي وتفتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي وتتعهد بتنفيذ كافة بنود الاتفاقية، معتبرا أن ما يحدث اليوم هو "إنجاز تاريخي".
وبعد التوقيع، قال وزير الخارجية القطري للجزيرة "نحن أمام مفترق طرق، ولا بد من البدء بإجراءات بناء الثقة بين طالبان والحكومة"، لافتا إلى وجود أطراف تحاول التأثير على بعض القوى لعرقلة الاتفاق في إطار المناكفة السياسية.
وأضاف أنه لم يحدد مكان للحوار الأفغاني، وأن بلاده مستعدة لاستضافته بالتعاون مع الأطراف الدولية.
وتابع "نتمنى أن تكون دول الجوار مشاركة لنا في هذا الحدث التاريخي اليوم"، كما أعرب عن تمنيه أن يكون هناك حل للأزمة الخليجية، موضحا أنه "لم يكن هناك أي نجاح لجهود الحل".
أهم البنود
وأصدرت حكومتا الولايات المتحدة وأفغانستان بيانا مشتركا السبت أفاد بأن "التحالف سيكمل سحب باقي القوات من أفغانستان خلال 14 شهرا بعد نشر هذا الإعلان المشترك والاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان.. شريطة أن تفي طالبان بالتزاماتها بموجب الاتفاق".
ووفقا للاتفاق، ستخفض الولايات المتحدة قواتها مبدئيا من خمس قواعد في أفغانستان إلى 8600 جندي خلال 135 يوما من الاتفاق، ثم سحب جميع القوات الأجنبية خلال 14 شهرا.
وتزامنا مع عملية انسحاب القوات، يُفترض أن تبدأ مفاوضات سلام مباشرة غير مسبوقة بين حركة طالبان وسلطات كابل، وأن يتم إطلاق سراح "نحو خمسة آلاف سجين (من طالبان).. وحوالي ألف سجين من الطرف الآخر (القوات الأفغانية) بحلول 10 مارس/آذار" المقبل.
كما ستعمل الولايات المتحدة على رفع كل العقوبات المفروضة على حركة طالبان بحلول 27 أغسطس/آب المقبل.
في المقابل، تلتزم حركة طالبان بقطع علاقاتها مع كل الحركات التي تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية، وعدم استخدام طالبان الأراضي الأفغانية لاستهداف الآخرين.
وقال رئيس وفد طالبان للجزيرة إن الإفراج غدا عن أول دفعة من معتقلي الحركة لدى الحكومة الأفغانية، ثم ستبدأ المحادثات مع الحكومة يوم 10 مارس/آذار بعد اكتمال الإفراج المتبادل عن المعتقلين.
من جهة أخرى، قال عضو لجنة المفاوضات في طالبان أمير خان متقي للجزيرة "نشعر ببالغ السرور لأننا أنجزنا هذا الاتفاق التاريخي، إذ سيسمح بانسحاب جميع القوات الأميركية.. وسيجلب السلام والاستقرار لأفغانستان، والجميع أقر به".
وأضاف أن طالبان قدمت ضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الآخرين، مؤكدا أن الحركة منفتحة على جميع أطياف المجتمع الأفغاني، وأنها لم تقرر بعد أين ستتفاوض مع الحكومة.
وشارك في حفل التوقيع مسؤولون عن 18 دولة، أبرزهم بومبيو ونظيراه الباكستاني شاه محمود قريشي والتركي مولود جاويش أوغلو، إضافة إلى مشاركة أربع منظمات دولية.
ولم تكن حكومة كابل ممثّلة في حفل التوقيع بالدوحة، لكنها أرسلت فريقا مؤلفا من ستة أشخاص لفتح قناة اتصال مع المكتب السياسي لحركة طالبان الذي تأسّس في الدوحة عام 2013.
كابل
وقبيل بدء حفل التوقيع في الدوحة، عقد الرئيس الأفغاني أشرف غني في العاصمة كابل مؤتمرا صحفيا مشتركا مع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، حيث قال غني "نرحب بالمفاوضات بين واشنطن وطالبان، وهناك نقاط سنعمل عليها عبر مفاوضات مباشرة مع طالبان".
وأضاف الرئيس الأفغاني أن بلوغ السلام تطلب تضحيات من الأطراف المعنية والتوافق بينها على ضرورة وقف الحرب، مؤكدا أن السلام جزء من خطة حكومته وهدف للمجتمع من أجل إعادة بناء البلاد.
أما وزير الدفاع الأميركي فقال محذرا إنه "في حال عدم احترام طالبان لالتزاماتها فستخسر فرصتها للجلوس مع مواطنيها الأفغان ومناقشة مستقبل بلادها"، مضيفا "كما أن الولايات المتحدة لن تتردد في إلغاء الاتفاق".