[ مسؤولون أميركيون حظروا عام 2014 تجارب تعزيز بعض الفيروسات الأكثر فتكا (رويترز) ]
كشف خبيران طبيان مختصان أن الولايات تمول تجارب خطيرة متعلقة بالفيروسات بشكل سري، وذلك بعد قيام مسؤولين أميركيين بحظرها قبل سنوات.
ويأتي هذا الكشف في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، واشترك في كتابته كل من مارك ليبليتش أستاذ علم الأوبئة ومدير مركز ديناميات الأمراض السارية بجامعة هارفرد للصحة العامة، وتوم إنغليسبي مدير مركز الأمن الصحي وأستاذ الصحة البيئية والهندسة بكلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة.
ويوضح المقال إن مسؤولين أميركيين فرضوا عام 2014 حظرا على التجارب الرامية إلى تعزيز بعض الفيروسات الأكثر فتكا في العالم، من خلال جعلها قابلة للانتقال عن طريق الجو، وذلك استجابة لمخاوف واسعة الانتشار من أن وقوع حادثة في المختبر قد تشعل انتشار وباء على مستوى العالم.
ويقول الخبيران إن معظم دراسات الأمراض المعدية تشكل مخاطر متواضعة على السلامة العامة، ولكن بالنظر إلى أن هذه التجارب المقترحة تهدف إلى إنتاج فيروس إنفلونزا شديد العدوى يمكن أن ينتشر بين البشر، استنتجت الحكومة أنه لا ينبغي أن يستمر العمل حتى يمكن الموافقة عليه من خلال نظام صارم يستعرض الأخطار المحتملة، ويتم إنشاؤه خصيصا لهذا الغرض.
ضوء أخضر
ويكشف الكاتبان أن الحكومة الأميركية قررت بأن تمضي هذه الأبحاث قدما، موضحان أنها أعطت العام الماضي الضوء الأخضر لتمويل مجموعتين من الباحثين، أحدهما بالولايات المتحدة والأخرى بهولندا، لإجراء تجارب تعزيز نقل العدوى على فيروس إنفلونزا الطيور كما كانت مقترحة في الأصل قبل تعليقها.
ويقول الخبيران إنه مما يثير الدهشة أنه على الرغم من العواقب الصحية المحتملة لهذا العمل، فإنه لم يتم الإعلان لا عن الموافقة ولا المداولات أو الأحكام التي أيدت هذه التجارب.
ويشير المقال إلى أن الحكومة الأميركية أكدت النبأ، وذلك فقط عندما علم أحد المراسلين عنها من خلال قنوات غير رسمية.
ويقول الخبيران إن هذا النقص في الشفافية يعتبر أمرا غير مقبول، مضيفين أن اتخاذ الحكومة قرارات سرية للموافقة على أبحاث يحتمل أن تكون خطرة يعتبر انتهاكا لمسؤوليتها عن ضرورة إعلام وإشراك الجمهور منذ البداية بشأن ما قد يعرض الصحة والأرواح للخطر.
معارضة التجارب
ويقول الخبيران إنهما من بين مئات الباحثين والمختصين الطبيين وفي الصحة العامة وغيرهم ممن سبق أن عارضوا هذه التجارب علنا عندما تم الإعلان عنها لأول مرة.
ويشير المقال إنه استجابة لهذه المخاوف، فقد أصدرت الحكومة إطارا عاما عام 2017 لإجراء مراجعة خاصة لمسببات الأمراض "المحسّنة" التي قد تصبح قادرة على التحول إلى أوبئة خطيرة.
وفي هذا الإطار، يجب على المراجعين النظر في الفوائد المزعومة والمخاطر المحتملة، وذلك قبل اعتماد العمل بحيث يتم تحديد أن المخاطر المحتملة مقارنة بالفوائد المحتملة للمجتمع لها ما يبررها.
كما يتطلب الإطار أن يقوم الخبراء في المجال الصحي بالتأهب والاستجابة للصحة العامة، وبأن يقوم المعنيون بسلامة الأحياء وأخلاق العمل والقانون وغيرهم بتقييم العمل، ولكن من غير الواضح من السجل العام إذا حدث ذلك.
تنافس وسرية
ويضيف المقال أنه أيضا لم يقدم وصف لمن استعرض هذه المقترحات ولم يذكر أي دليل تم النظر فيه، ولا كيف تم تقييم المطالبات المتنافسة أو ما إذا كان هناك تضارب محتمل في المصالح. هذه السرية تعني أننا لا نعرف كيف تم تطبيق هذه المتطلبات -إن وُجدت- على الإطلاق بالنسبة للتجارب التي تمولها الحكومة الآن.
وينسب إلى متحدث من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية القول لمجلة العلوم إن الوكالة لا تستطيع جعل المراجعات عامة، لأن القيام بذلك قد يكشف عن معلومات خاصة بمخططات المتقدمين والتي يمكن أن تساعد منافسيهم.
ويقول الخبيران إن هذا المنطق البيروقراطي يشير إلى أن الحفاظ على الأسرار التجارية لعدد قليل من العلماء البارزين يعتبر أكثر أهمية من السماح للمواطنين -الذين يتحملون المخاطر في حالة وقوع حادث والذين يمولون أعمالهم- بفحص قرارات المسؤولين العموميين بشأن ما إذا كانت هذه الدراسات تستحق المخاطرة.
وبالنسبة لهذا النوع من الأبحاث، فإنه لا يوجد مبرر للحفاظ على سرية مداولات المخاطر والمنافع -يشير المقال- وأن لديهما شكوكا جدية إزاء ما إذا كان يجب إجراء هذه التجارب على الإطلاق.
ويختتم الخبيران بأن هناك حاجة لمناقشة عامة ونقاش إزاء مخاطر وفوائد هذه الأنواع من التجارب، ويقولان إن الفيروسات لا تعرف الحدود، وإنه لهذا فيجب أن تتجاوز المناقشات المستوى المحلي إلى الدولي.