[ تايمز: ماركون يبدو حاليا كرؤساء فرنسا التقليديين الذين يتهاوون أمام الاحتجاجات الشعبية (رويترز) ]
قالت صحيفة تايمز البريطانية إن احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا مرّغت أنف الرئيس إيمانويل ماكرون بالتراب، وأجبرته على التراجع 180 درجة عن الضرائب التي قررها ضمن رؤيته لإصلاح اقتصاد بلاده المتصلب والتي تعهد من قبل بعدم التراجع عنها أبدا.
وأضافت الصحيفة في افتتاحية رئيسية لها اليوم أن ماكرون يبدو حاليا مثل رؤساء فرنسا التقليديين الذين يتهاوون أمام الاحتجاجات الشعبية.
فشل مزمن
وأوضحت أن الجمهورية الخامسة التي تأسست في 1958 لتحل محل نظام برلماني غير مستقر، منحت الرئيس سلطات شاملة، ومع ذلك لم يستطع أي زعيم فرنسي منذ انهيار الشيوعية النجاح في كسر الحلقة المفرغة المكونة من ممارسات العمل المقيّدة والضرائب الباهظة التي ظل الاقتصاد الفرنسي يدور فيها.
فقد حاول قبله الرئيس الأسبق نيكولاس ساركوزي الذي وعد بإصلاح تاتشري (نسبة لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر) وفشل، كما فشل فرانسوا هولاند الخليفة الاشتراكي لساركوزي وظل الاقتصاد الفرنسي في تصلبه ومقاومته لإصلاحات السوق والاقتصاد الحر.
وبحسب الصحيفة، كان ماكرون محقا في إدراكه أن الاختلاف بين النظرة الوطنية للاقتصاد التي يتبناها اليمين والاقتصاد الموجه الذي يتبناه اليسار لا علاقة له بأزمة الاقتصاد الفرنسي. فقد بلغت نفقات الحكومة منسوبة إلى الناتج الإجمالي القومي نسبة 56% في 2017، وهي بالتأكيد نسبة مرتفعة للغاية وغير مقبولة ومعيقة لحركة الاقتصاد.
خيارات متناقضة
واستمرت تايمز تقول إن تأجيل الأزمة الذي حصل عليه ماكرون نتيجة لتراجعه التام عن رؤيته المعلنة ربما لا يدوم طويلا، إذ ينتظر المراقبون معرفة إن كانت 10 مليارات يورو التي سينفقها ماكرون على المحتجين ستهدئهم.
ومع ذلك، حذرت تايمز من أن 10 مليارات هذه ستضع فرنسا في خانة الدول المنتهكة للضوابط المالية للاتحاد الأوروبي في وقت يقاتل فيه الاتحاد إيطاليا من أجل إنهاء إنفاقها الحكومي بالعجز.
وقالت إنه وفي هذا الوقت يتعهد ماكرون مرة أخرى بإجراء إصلاحات رئيسية في رواتب التقاعد والبطالة، الأمر الذي سيثير معارضة قوية.
وأجملت تايمز ما تريد قوله بأن الثورة الانتخابية التي حملت ماكرون العام الماضي للرئاسة ربما تتسبب في مفاقمة الجمود السياسي بفرنسا، إذ إن الناخبين ليس لديهم أحزاب تقليدية يلجؤون إليها عوضا عن ماكرون، كما أن ماكرون عليه أن ينفذ مهمة شبه مستحيلة وهي تهدئة الاحتجاجات الشعبية وفي الوقت نفسه الإصرار على أن الخيارات الاقتصادية التي نفذها قبل الاحتجاجات لا بد منها.