تأثرت بعد مشاهدة فيديو يظهر محتفلين في خيمة أعراس، ربما في ذمار حسب ما قيل، وهم يهرعون من داخل الخيمة، بعد صياح أحدهم محذرا بسماع تحليق للطيران الحربي في الأجواء.
كان مشهدا مؤسفا، إذ بات في الحقيقة يخيفنا جميعا، سماع ذلك التحليق، خصوصا بعد حوادث كثيرة راح ضحيتها مدنيون أبرياء.
فقد تجاوز ذلك العدد، تجاوز كونه أخطاء عرضية، إلى حد متعمد، ومنسوب إلى التحالف العربي كلا.
لم يهز هذا التحالف شيئاً بقدر استثمار الجرائم التي يرتكبها الطيران، وقد عانى إلى حد كبير، جعل مكوناته عرضة لابتزاز الغرب ومنظماته الحقوقية، التي تبرع بالاصطياد في هذه البرك تحديدا.
لا أظن أن التحالف تنقصه هذه الجرائم بحق المدنيين، خصوصا بعد تلك الضغوط التي قاساها، وهو الذي جاء انتصارا لليمنيين من البطش والظلم، فأنى له أن يمارسها هو الآخر.
عموما، التحالف العربي رخو، ومشوب بالتوتر وانعدام الثقة بين مكوناته، وهنا تكمن الاختلالات الحاصلة، والناتجة في الغالب عن ازدواجية في الرؤية والأداء أيضا.
لو أن غرفة العمليات المشتركة للتحالف، لو أنها تجري تقييمات عقب كل غارة، أو كل يوم عسكري، فإنه بلا ريب ستبدو مكامن الخلل واضحة، وبالتالي تلافي حدوثها مجددا على الأقل.
تخيلوا أن المقاتلات تقصف في ذات المكان ثلاث مرات متتالية، بفارق أيام وأسابيع بينها، وفي كل مرة الضحايا مدنيين. هذا يعني بجلاء أن غرفة العمليات هذه لا تتعامل مع "التغذية الراجعة" ولا يوجد أي نوع من التقييم للأداء. حدث هذا في "مفرق شرعب" وكنت شاهدا عليه.
في الحقيقة، باتت اليمنيون يهابون سماع تحليق الطائرات، حتى من كانوا ينتظرون حضوره، ممن هم ضد الانقلاب المليشوي القائم.
إن هذه الغارات الأخيرة، التي راح ضحيتها مدنيون في إب،تعز، أرحب والحديدة، قد ناقصت رصيد الأمل لدى اليمنيين في إمكانية الخلاص من الانقلاب، كما أنها حشدت سيل من الكراهية تجاه التحالف والشرعية، وأكسبت الانقلابيين تعاطفا كبيرا، ربما كنوع من النكاية.
من المستفيد من هذا العبث؟! لا شك أن الانقلابيين هم المستفيدون دون غيرهم. هناك سر ما، وهناك تناغم شديد بين ما يجري من قصف، وبين استثمار الانقلابيين له.
لو راجعنا الحوادث كلها، سنجدها متشابهة، والطريقة المستخدمة ذاتها، ومع ذلك لا مراجعة ولا تقييم لدى غرفة عمليات التحالف، وهذا ما يجعل تلك الحوادث تتكرر على نحو هزلي مقرف.