اجتزأت بعض وسائل الإعلام بشكل واضح بعض ما جاء في محاضرة الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي عن دور بلاده في التحاف العربي في اليمن، بعنوان "الإمارات والتحالف وأزمة اليمن..القرار الضرورة"، التي ألقاها بحضور ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الليلة الماضية، والتي تحدث فيها عن قرار التدخل العربي في اليمن.
المحاضرة طويلة، ومثلت سرداً تاريخياً، مع جوانب تحليلية، للأحداث في اليمن والمنطقة منذ 2011، وحتى الآن.
جاء الاجتزاء الذي روجت له وسائل إعلام إيرانية في "العواصم العربية الأربع المحتلة إيرانياً"، "بيروت، دمشق، بغداد، وصنعاء"، من أجل أن يقال إن الإمارات تعلن نهاية الحرب اليمن. واستغل الأمر للنيل من موقف الإمارات، ولضرب أسافين الخلاف بين دول التحالف العربي، ولخلق مزيد من البلبلة.
مواقع وصفحات محسوبة على المقاومة والجيش الوطني وقعت كذلك في خطأ الاجتزاء، دون أن تعي بأنها تخدم إيران ووكلاءها في المنطقة.
طبعاً نختلف أو نتفق مع سياسات الإمارات في اليمن، لكنها دولة محورية، ولها إسهامها الواضح في التحالف، ولها مصالحها الاستراتيجية كذلك. وقدمت ضحايا ضمن قوات التحالف العربي.
وعودة إلى محاضرة قرقاش، وحتى تكون هناك صورة أكثر وضوحاً، أورد هنا بعض ما جاء في محاضرة الوزير الإماراتي.
قال قرقاش: "التحالف العربي مستمر بقيادة الرياض ودعم ومساندة أبوظبي، على خلفية النجاح العسكري ".
وذكر: "بعد استنفاد الأدوات السياسية، واتضاح الدعم الإيراني للانقلابيين الحوثيين، والتغير الاستراتيجي في المنطقة، كان لابد من الحسم والتدخل"، مؤكداً أن اكتشاف منصات إطلاق صواريخ موجهة ضد السعودية، في ديسمبر 2015 يؤكد أن الحرب لم تكن تستهدف اليمن وحسب، ولكن العمل على إيجاد تغير في التوازنات الإقليمية.
وذكر: "تشبَّهَ عبدالملك الحوثي بالولي الفقيه، كمرجع أول وصاحب قرار أخير، في استنساخ واضح لثورة الخميني".
وأضاف أن الحوثيين هددوا صالح وأجبروه "على التخلي عن المبادرة الخليجية".
وواصل: "هناك قناعة بأن أمن الإمارات مرتبط بأمن دول مجلس التعاون...والدور الإقليمي الإيراني يسعى إلى الفوضى والترويج للطائفية".
أضاف قرقاش: "مواجهة النفوذ الإيراني في اليمن ستستمر من خلال "عاصفة الحزم"، ومن خلال التنمية السياسية والاقتصادية لليمن".
وصف دور حزب الإصلاح بالملتبس "والباحث عن السلطة"، واتهمه بدعم القاعدة.
وهنا اعتقد أن على الإصلاح بذل مزيد من الجهد البعيد عن الأضواء للتواصل مع الإماراتيين، وطرح كافة القضايا على الطاولة، بكل وضوح وشفافية.
وقال الوزير الإماراتي: " عدم الثقة لم تردم بعد، وليس لدى اليمنيين حتى الآن رؤية واحدة نحو المستقبل، فالجنوب يريد الانفصال، والتطرف الإصلاحي الإخواني إقصائي، ومنطق لا غالب ولا مغلوب ملتبس على الكثير من اليمنيين".
وعقد قارقاش مقارنة بين الحملة العسكرية العربية في اليمن، ونظيرتها الأمريكية في العراق وأفغانستان، مؤكداً أن المقارنة تميل لصالح حملة التحالف في اليمن.
وبعد اللغط الذي دار حول بعض ما جاء في محاضرته، غرد قرقاش اليوم بقوله:
"قواتنا المسلحة، كما أشرت في محاضرتي، أدت دورها القتالي بشجاعة و مهنية، و يستمر هذا الدور مع السعودية الشقيقة حتى إعلان التحالف انتهاء الحرب."
شخصياً، لم أفهم من محاضرة قرقاش أنه أعلن انسحاب الإمارات من التحالف، كما روج وكلاء إيران، ولا أنه أعلن نهاية الحرب، مع أننا نتمنى نهايتها اليوم قبل الغد، بعودة الحوثيين عن انقلابهم.
فهمت المحاضرة في سياق سياسة التحالف في إتاحة الفرصة للحل السياسي عن طريق المحادثات في الكويت، حتى تستنفد كافة الأدوات السياسية، قبل العودة إلى حلول أخرى، غير مريحة للأطراف كافة.