لا يحتاج حزب الإصلاح، في ذكرى تأسيسه 31، إلى حملة مباخر وقصائد مدح وغزل، ولا إلى إحصاء مناقبه وأعماله الوطنية، لأنه وبكل ما فيه من خطايا، إلا أن الميدان هو الحكم اليوم، وهو القول الفصل، والجميع بات يعرف تضحيات وجسارة الحزب، ما يحتاجه الإصلاح اليوم هو رجل رشيد، لأمة ناصحة، تقف أمامه بجلادة لعمل حملة تقييم حازمة، يحتاج لاستراتيجية ناقدة تصوب وتعيد تعريفه من جديد وتقف على أرض صلبة تنقد آثامه وخطاياه، كبداية ومدخل.
في هذه المناسبة، يحتاج هذا الحزب العريق لمراجعة شاملة، يستفيد من النقد بكل أشكاله وصوره، لن يفيده المداحين بل الناقدين، وحتى الناقمين الذين يجلدونه بحسن نية، أو في إطار حملات التجنيد التي تستهدف وجود وكيان الحزب، ففي كل الأحوال، هذه النقمة، وأن يكون الحزب يتصدر حديث الشاشات وغرف المخابرات ومواقع التواصل، فهذا يستدعي أن يفتح لها الأذان، وأن تشكل ردة فعل تدفع بقيادة الحزب للتغيير والتجديد، فهذه الذكريات يفترض أنها ذكرى للمكاشفة وجلسات تصحيح واستيعاب للنقد، من أجل إحداث تغيير شامل وحقيقي في بنية وجوهر حزب، ينتظر منه الكثير ويأمل منه الناس أن يكون عند المسؤولية.
لا يحتاج الإصلاح اليوم لحصد وعد مناقبه وتضحياته العظيمة، فهو حزب قوته في ما يقدمه للناس، وأفضل التضحيات هو أن تجود بدمك دفاعا عن البلاد وجمهوريتها المغدورة، ولا منّ في ذلك ولا أذى ولا فضل، بل واجب تستدعيه الظروف والمرحلة والضمير والمبادىء الوطنية، ولأن كان الحزب في طليعة النضال والكفاح فذلك يحسب له، والمطلوب منه أن يستثمر تضحياته في ما يعود بالنفع على اليمن، خاصة في أخطر مرحلة يمر به.
هذه الذكرى، وكل هذه التضحيات التي يتصدرها حزب الإصلاح من المهم أن يأخذ في الاعتبار الحراك السياسي المنحدر في المنطقة، أحزاب وحركات إسلامية تراجع دورها وهزمتها الصناديق، وأخرى تم وأدها في المهد، يجب أن يأخذ في الاعتبار حجم المخاطر المحدقة، وكل هذا يتطلب شجاعة في الاعتراف بالذنب والخطأ، ليكون ذلك منطلقا لتصحيح شامل، وتغيير يطال كل مؤسسات ومكاتب وهرم الحزب، وهذا هو الطبيعي والمفترض أن يحدث، وغير ذلك هو عقم خطير، ستكون نتائجه كارثية على الوطن أولا، ثم على الحزب.
يشكل حزب الإصلاح حاجز صد منيع أمام أحلام الإمامة والكهنوت، ولا زال هو ومعه أحرار اليمن القلعة التي نحتمي بها للحفاظ على قيم ومبادئ الجمهورية، يعرف "الحوثي" أكثر من غيره أنه لن تنفذ أحلامه بوجود الإصلاح، لذلك جاء أولا لاستهدافه، وهي أحلام قد تبخرت مبكرا.
يحتفل الإصلاح بذكرى تأسيسه، وهي ذكرى من المهم أن يتفاعل معها الجميع، ترسيخا للسياسة وأفعالها، خاصة في ظل تنامي وانتشار الميليشيات السلالية والمناطقية في اليمن. الاحتفاء بذكرى السياسة هو هزيمة للأصوات القادمة من خارجها وتأكيدا على وجوب ارتفاع صوتها.
كل عام والاصلاح شعبا وقواعد أكثر عملا لأجل البلاد، كل عام وغايتهم اليمن وقبلتهم الجمهورية، مزيدا من النضال والكفاح والجد.