ماهي المشكلة بالضبط ؟ هل هي ازمة ثقافة ووعي ؟ تستدعي استنهاض كل هذه التواريخ في المواجهة ؟ هل نبحث عن تبرير لموقفنا من الحوثة ولصراعنا وحربنا ضدهم ؟ ومن نستهدف بهذا التبرير ؟ هل انقلب الحوثي على الدولة بسبب اعتقاداته وايمانه باحقيته الالهية في الحكم ؟ وهل اخضع المناطق لسيطرته بقوة ايمانه بتلك التصورات الاصطفائية ؟ وهل نخسر معاركنا ضده بسبب ما يعتقده من تفوق عرقي واختيار الهي ؟ وهل نرى الحرب ضده بحاجة لرايات ودعوات من اقاصي الزمن؟
هل نحتاج لنحارب الحوثيين الى تسخيف وتبخيس فكرة الدولة والجمهورية بالبحث عن حوامل بعيدة للصراع؟
هل تنقصنا المبررات والدعاوى والاسباب كي نواصل الحرب لاسقاط الانقلاب واستعادة الوطن؟
الا يبعثر هذا نضالنا ومقاومتنا ؟ الا يحدث انقسامات داخل الكتلة الوطنية المعنية بتركيز الجهد والطاقة في المواجهة؟
القضاء على العنصرية في الثقافة عمل مفتوح وممتد وقد يأخذ أزمنة ونحن الان في مواجهة هذا العنصري الذي سلبنا الدولة بغض النظر عن دعاواه.
فما هي أولوياتنا وخياراتنا؟ هل هي تفكيك فكرته العنصرية ومحاولة اقناعه بالرجوع عنها ؟ وتوعية الناس الذين وجدوا انقسهم تحت سيطرته بأن هذا العنصري يريد ان يستعبدهم وان يذلهم وكما لوأنهم لا يعرفونه ولم يشهدوا فظاعاته ولم يعانوا من جرائمه؟
ام يتحتم علينا التوجه لإسقاط الإنقلاب واستعادة الجمهورية ،وبناء الدولة الضامنة للحقوق والحريات دولة المواطنة المتساوية والعدالة والشراكة الممثلة لليمنيين بمختلف انتماءاتهم وفئاتهم وافكارهم ومناطقهم دولة المؤسسات المحكومة بالدستور والقانون والنظام تلك الدولة التى من شأنها ان تجرم دستوريا وقانونيا التمييز العرقي والمذهبي والدعوات العنصرية بكل اشكالها وتضمن تكافؤ الفرص وعدالة توزيع الثروة والقوة الى آخر.
هل نحن بحاجة الى تشوهات اضافية كي نحارب هذا التشوه المدجج بالسلاح والسلطة في الشمال او الجنوب ؟ الى أين ستفضي بنا كل هذه الجلبة المثارة وهذه المناقرات الهوجاء وهذه النزعات المحتكرة للنضال والتوجهات المؤسسة على الفرز المجتمعي الحاد؟
ما الفارق الذي تضيفه لنا في خضم هذه الحرب اللعينة؟ بعض كتابنا وباحثينا يصرون على جعل التاريخ ساحة حرب تصرفنا عن حرب الساعة وتبدد طاقاتنا في سجالات تنهينا ولا تنتهي.
لدينا مشكلة في تصورنا لقضيتنا، اذ نبدو كما لو أننا غير قادرين بعد على تأطير صراعنا ضمن ابعاده الوطنية الصحيحة ولذا نذهب بعيدا في استدعاء الماضي وايقاظ الموتى تاركين لخصومنا فرض منطقهم وتوجهاتهم وعصبيتهم علينا فإذا بنا نحارب ضد ازمنة بالية ونخوض صراعات رثة لا تفضي بنا الى حيث نريد.
صنع الحوثيون انحطاطهم وفرضوا علينا للأسف صورتهم ومنطقهم وخطاباتهم وسجالاتهم ونجحوا في تعميم بشاعاتهم وتفجير الوعي والروح والوجدانات وسمموا الذائقة الخاصة والعامة وشغلونا بملاحقة الترهات .
صخب وجنون وهستيريا ونزق متبادل وضجيج باعث على الدوار واستعراضات كلامية لا تهدأ.
لكأنهم قادونا الى مقلب كبير وشغلونا بالنبش فيه ليل نهار ، وكأنما فقدنا تماما نموذجنا الخاص وضيعنا صورتنا وخطابنا وحكمتنا وفطنتنا في إدارة الصراع وكما لو أنهم صيرونا مثلهم في كثير مما نسمع ونشاهد.
انا يمني وبس.