العالم كله بات لنا كأم حنون ، إنه يحذرنا من خطر الفيروس ،ويرشدنا إلى طرق الوقاية منه ، عبر كل الوسائل الحديثة ، وقد عُلقت الدراسة في الجامعات والمعاهد والمدراس الحكومية والأهلية على حد سواء ، وأغلقت الطرق والمنافذ من وإلى المدن ، المنظمات الدولية والمحلية ، القنوات التلفزيونية بمختلف توجهاتها ، شركات الاتصال الهاتفية ، المؤسسات المدنية والدينية ، تجار الحروب ، والمجرمون ، والسفلة ، والمرتزقة ، والوعاظ ، والخطباء، والمرشدون، جميعهم وغيرهم أصبحوا بين عشية وضحاها شغلهم الشاغل توعيتنا من مخاطر كورونا ، وسبل الوقاية منه.
يا إلهي ، كيف أصبحت أرواحنا ثمينة فجأة ؟بظهور هذا الفيروس! هل حقا أن المجتمع الدولي تهمه حياة الإنسان اليمني؟ وبهذه الدرجة ! كيف اتفقت وجهات نظر الساسة في إقرار تلك التدابير الاحترازية من وباء كورونا في صنعاء وعدن ؟ وهي لم تتفق لا في عيد ولا في مطلع شهر جديد !.
لمَ لم يستغل المجتمع الدولي وجاهته أو الفرصة الآنية عند حكومتي صنعاء وعدن في إنهاء الصراع الدائر في هذا الوطن المنهك بحجة كورونا ؟ وينقذوا آلاف الأرواح، والتي باتت تنازع سكرات الموت، ومنذ خمس سنوات ولت...
ماذا هناك ؟ وماذا يحاك لنا ؟ عموما ماذا يريد المجتمع الدولي من وراء فيروس كورونا من الإنسان العربي المنتهك جسدا وروحا ؟ ومن الإنسان اليمني شبه الحي خصوصا ، ثم لماذا هذا الفيروس يكره الجمع والجماعات ويحب الحجر ونبذ العلاقات ؟ لماذا أغلقت أبواب الحرم المكي قبل ملاهي ومراقص ابن سلمان ؟ هل ضرر الفيروس على دور العبادة أشد منه على دور الدعارة ؟ أم ماذا...
يبدو أن كورونا كان حاكما عربيا ، وقد توارى مع تلك الحشود الغفيرة التي عجت بها الساحات في ذلك الربيع في مطلع العام 2011 ، ربما أنه أحد ذلكم الحكام الذين تزعزع عرشهم ، وقد عاد إلينا بعد أن استجمع قواه بشكلِ وباءٍ قاتل مزعزعا أرواحنا ببث الخوف والذعر ، كذاك لينهي مظاهر كل ثورة وتجمع ، بل وليقطع كل علاقة وقرابة وزمالة ، تفريقا وتبديدا لتلك التكتلات الشبابية التي نالت منه بالأمس.
كورونا فيروس حقا ، وهو مميت بالفعل كما قيل ، لكن لم كل هذا التهويل ؟! هل التقدم التكنولوجي والبحوث العلمية التطبيقية التي تتغنى بها الدول الكبرى ويشهد بها الواقع المعاصر عاجزة عن إيجاد مصل لفيروس لا يُرى ؟ إن كان كذلك ؛ فهو آية من آيات الله ، وعذاب إلهي ، تستلزم منا الخوف والرجوع إليه سبحانه.