ليست الأصالةُ أنْ تنتسبَ بهتانا وزورا إلى قبيلةٍ -سواء أكانت عريقةً أم لا- في بطاقةٍ شخصيةٍ ، ثم تدعي الأفضليةَ والخيّريةَ على سائرِ صحبك ، تغترُ بنسبكَ وأنتَ تعلمُ مقدارَ نقصِك وخسةَ أصلِك ، تكذبُ وتظنُ أنّ هناكَ مَن يصدقكَ ، تظلمُ ضعيفًا وتفتخر ، تبخلُ بما يجودُ غيرُك على نفسِك وتعدُها مع الكرام! ياللعجب!.
الأصالةُ والعراقةُ -أيها الناسُ - لا تكتسبُ بالكذبِ والزيفِ ، -معاذ الله- ، ولا تصبغُ كذلك بثوبٍ أبيضٍ يلبس ، وجنبيةٍ تردف. الأصالةُ أفعالٌ وقيّم ، عفوٌ وتسامح ، كرمٌ وعطاء ، بذلٌ وسخاء .
الرجلُ الأصيلُ تظهِرُه الأحداثُ والشدائدُ ، وتجلو معدنَهُ الفخمَ ، وتسيّرُ في الأفاقِ ذكراهُ العطرة . فالأصيلُ ليس بذاك النسيبُ الحقيق ، أو المنتسبُ الزائف ، بل هو ذاكَ الأديبُ المتأدبُ المملوء بالمحامد ، يعفو عنِ الزلاتِ ، يغفرُ الكبائرَ ، يجبرُ العثراتِ ، يسدُّ الهفواتِ ، يصنعُ المكرماتِ ،لا يغترُ أو يتكبر.
كنْ ابنَ من شئت، دعْكَ من الأصالةِ أو الأصائل ، لا ميزةَ لأحدٍ على أحد ، الناسُ كلُهم سواسية ، ميزانُ التفاضلِ ليس لسانك ، ولا هو متدلٍ من بنان يدك ، إن كنتَ من المتقين ، كنتَ كذلك .
الأصيلُ لا يكونُ مفصعًا ، ولا كاذبًا ، ولا مغرورًا ، ولا ظالمًا ، الأصيلُ مَن يفتحُ بابَه للحيارى ، يطعمُ الجائعِيــنَ ، يواسي المكلومِيــنَ، ناهيـكَ عن أيامِ الحربِ واللأواء .
مَن يدونُ أخطاءَ الناسِ ويرددُها في كُلّ محفلٍ دونَ نسيانٍ لا يعدُ أصيلا ، ومَن يعتدي على الحرماتِ ويداهمُ المساكنَ كذلك ، ومَن يفرقُ بينَ رجلٍ وزوجتِه بقتلٍ أو سجنٍ أو طلاقٍ أيضا لا يعد .