شاهدت المؤتمر الصحفي لأمين عام الحزب الناصري عبد الله نعمان، وبصراحة لم أصدق أن هذا أحد أعمدة حزب بحجم الناصري، رحت أبحث عن سبب واحد لخروجه بهذا التوقيت بمؤتمر صحفي من هذا النوع، وهو لا يحمل أي صفة رسمية سوى صفته الحزبية فلم أجد، لكنني وصلت لنتيجة واحدة هي، أن من دفعه للخروج هذا أراد توريطه من حيث لا يعلم، بدى وكأنه يثبت التهم التي يتهمه بها جمهور كبير من الناس في محافظة تعز وبكامل رجاحته وشجاعته!
أول مرة يخرج رجل اشتهر بأنه سياسي حفيص وقيادي في حزب له باع في القضية الوطنية، بهذا التشنج والحدة والجرأة في كيل الإتهامات ورميها جزافًا ضد كل الخصوم لمجرد أنهم ينتقدونه ويعتبرونه أحد رؤوس الفشل في تعز، لم أصدق أن الذي يتحدث هو نعمان، وبدون تردد ذهبت للمقارنة بين خطابه وخطاب هاني بن بريك الذي خرج به يعلن تمرده العسكري ضد الحكومة الشرعية، فلم أجد من فرق سوى المضامين وحسب، لكنها، أي الخطابين، تصب في جهة واحدة وتخدم ذات الهدف!
كان واضحًا أن حملات الإنتقاد التي شنها الإعلام والصحافة بكل أشكالها ضد الرجل قد أصابت فيه الكثير وجعلته يخرج هائجًا متوترًا، وكان في غنى عن هذا كله، لو أنه اكتفى ببيان أو حتى منشور على صفحته يرد عبرهم بالشكل الذي يريد، لكن خروجه بهذا الحجم يدل دلالة كاملة أنه موجوع وأراد أن ينفي التهم لكنه أثبتها بطريقة أو بأخرى، وهو ما نقوله بأن من أشار عليه بالمؤتمر أراد توريطه لا إنقاذه!
ظهر عبدالله نعمان في مؤتمره الصحفي وكأنه أمير حرب وليس رجل سياسي يحتفظ بخط رجعة ويتمسك بالخيط الرفيع بعلاقته بالآخرين، لم تسلم منه الحكومة ولا الرئيس هادي ولا نائبه، الذي راح يوصمهم بالخيانة رغم أنه يستمد حضوره وقوته بغطائهم، وبنفس الوقت يقول أنه ليس عميلًا وعلاقته مع التحالف هي علاقة في إطار منظومة الشرعية، نفسها الشرعية التي يصفها بالإنقلاببة والخائنة، هذى عدى أنه التقى بالأحمر في وقت قريب وكان أمامه طالب نجيب وسامع مهذب!
كان الأولى بنعمان أن يخرج ليرد على الإتهامات التي باتت ملتصقة به وبحزبه، كان يستطيع أن يوضح الملايين الضخمة التي استلمها باسم المقاومة والجيش، وأين ذهب السلاح المتكدس الذي كان يستلمه باسم تعز، أما حكاية أنه حزب مدني، فهي نكتة سمجة لا تنطلي إلا على المساكين، فقد بتنا نعرف جميعا أن الحزب الناصري أصبح ينافس كل الأطراف بامتلاكه المليشيات ومخازن السلاح، فضلا أنه يحتكر الوظيغة العامة في تعز، هذه الملفات الشائكة كانت أولى بالمؤتمر الصحفي، وليس الخروج شاحذا سيفه ضد ثلة من الصحفيين والكتاب!
أما فيما يخص موقف نعمان من الرئيس هادي ونائبه والحكومة وبحاح والإصلاح، فهو ذات الموقف الذي تتبناه الإمارات واشترت لأجل الدفاع عنه جماعات وأحزاب وشكلت المليشيات المسلحة في الجنوب والشمال للحفاظ عليه، فهل عبدالله نعمان ينفي التهمة أم يثبتها؟! إن ارتباط نعمان بالإمارات لم تعد تهمة، بل حقيقة تعدت هذا الحاجز لاستلام الفلوس باعتباره الرجل المؤتمن عندها، والخزينة التي يتم إمدادها بالمال، وكان بإمكان الرجل أن ينفي حقيقة كهذه بطريقة ذكية تثير الشكوك والأسئلة، لكن كلها معطيات توصل لحقيقة وحيدة، أن من أمره بالخروج ورطه وأغرقه في متاهته السوداء!
أعتقد أن ما قبل المؤتمر الصحفي ليش كما قبله، فهو ليس مجرد مؤتمر، بل إعلان لمشروع سيتم تنفيذه في تعز في قادم الأيام، وهو امتداد لذات المشروع الذي حاول ذويه تطبيقه ولكنهم فشلوا، وهو ما يجعل الجميع، على رأسهم السلطة المحلية والجيش والأمن، أن يستبقوا هؤلاء بخطوة، وفي إطار القانون، فتعز لم تعد تحتمل المزيد من الإنهيار، فيكفيها الحصار الحوثي الخانق وحسب!
*من صفحة الكاتب في فيسبوك