لم استطع النوم حتى اللحظة، اوجعني منشور لزوجة أحد الشهداء، هزني مثل صعق كهربائي لساعات!
مصادفةً وانا اتجول بين الصفحات قبل ساعتين من الآن وجدت نفسي بشكل لا ارادي العن الحوثي بكل لغات اهل الأرض..
لقد شعرت فجأة بأن اصابعي تجمدت، ذُهلت، ثمة رعشة لا ارادية اصابتني حين مررت بمنشور لزوجة شهيد نشرت صورة لطفلتها التي لا تزال بححجم الكف الى جانب صورة والدها الذي استشهد قبل ان يرى ابنته!
كان الشهيد في قائمة اصدقائي لكنني وحين مررت بصفحته ووجدت منشور بلغة امرأة استغربت، لم اكن اعرف هذا الشاب شخصياً، استوقفني الوجع الكبير في كلمات زوجته من على صفحته، فتخيلت حينها عشرين الف بيت، خمسين الف امرأة، ثلاثين الف اسرة يعيشون ذات الوجع..
هل تعلمون ماذا يعني ان تستيقظ زوجة شهيد في الرابعة فجراً وهي تحتظن طفلتها لتكتب رثاء في زوجها، هذا يعني ان وجع الحرب يتعدى هذا الجيل ليصل الى قلوب اجيال اخرى لا ذنب لها..
كتبت المرأة منشوراً عن مرض ابنتها ودعت بالرحمة لزوجها، فعلت ذلك من حساب زوجها في الفيس بوك لا ادري ما الذي استوقفني اهو حديثها المشبع بالحسرة ام صورة طفلتها البريئة وهي تدعو لها بالشفاء ولوالدها بالرحمة، لا ادد حقاً لكني امتلكت الشجاعة، بعد ذهول طويل رفعت اصبعي ضغطت على الصفحة لأعرف تفاصيل اكثر عن الشهيد ، تسمرت اكثر وانا اجد على حائطة في الفيس بوك هذه العبارة " محمد حيدر.. مواطن يمني يعيش في قلبه وطنه" لم يكن مجرد توصيف كتبه لصفحة شخصية على الفيس بوك، لقد كتب محمد توصيف حبه لوطنه في سجل الشهداء حين منح الوطن الذي يتربع قلبه كل حياته ورحل!
اما زوجته فكتبت بعد ان استشهد
في اول منشور وقعت عيني عليه، مصحوباً بصورة لطفلته وقد علقت عليها "الله يحرمه من الدنيا من حرمني من ابي" بلسان طفلتها التي استشهد والدها في مواجهة الحوثي قبل ان تعرفه او ترى وجهه!
في منشورها التالي كتبت زوجة الشهيد:
ياليت الشرعيه يفتحو جبهه لزوجات الشهداء لعل الآمهن بفقدان ازواجهن تخف ولو قليلاً او يلتحقن بهم شهيدات لإن الحياه بدونهن لا تطاق ولا طعم لها."
شعرت اني اختنق ولا زلت حتى اللحظة اشعر بالأسى، حينها لم استطع تصفح بقية المنشورات، خرجت من عالم مارك الأزرق بكثير من الوجع..
لا وجود للنوم حتى اللحظة، ولا استطيع الكتابة حتى، اكتب الآن وهذه هي المرة الأولى التي اجدني عاجز عن استحضار المفردات، فاقد لبلاغة التعبير، فقط احببت ان ادون هذه الحروف لأخفف من مرارة الشعور..
ثمة كلمات تترد في ذهني منذ ساعة:
يا لكم العذابات التي تذوي في صدور زوجات الشهداء وابنائهم، يا لحجم نار الفراق وعذابات الحرمان التي اشعلها الحوثي في الآف البيوت والصدور
لعن الله الحوثي ما ابشعة من قاتل.
سنكابر رغم ضعفنا امام مثل هذه الأوجاع سيكبر ابناء الشهداء ويلعنون كذلك تاريخ السلالة العفنه..
هل تعلمون من اين استمد قناعتي هذه، من تلك العبارة التي كتبها الشهيد الذي احدثكم عنه على جدار منزله قبل ان يغادره ويودع زوجته وطفلته التي لاتزال في بطن والدتها الى الجبهة ينشد الحب والسلام والمستقبل لهذا الوطن البائس كتب محمد هذه الكلمات على جدار منزله:
"الجيش الوطني صمام امان، الجمهورية
عاشت اليمن"
ستعيش اليمن يا محمد حيدر، شتعيش وسنفتح بأوجاعنا ثغرة للنور على جدار الوطن الذي قدمتم ارواحكم لأجله مهما تضرجنا بالدم واحترقنا بنظرات اطفال الشهداء التي تشبه نظرات طفلتك البريئة، سيعيش الوطن وسيموت حملة مشروع الموت، وستغني رهف الصغيرة انشودة النصر والحرية حينها بصوت يلف ارجاء الدنيا ويصلك حيث انت في الآخرة.
رحم الله كل شهداءنا، ورحم الله اللغة التي تحجرت في الحلق ولم اعد ادري ماذا اقول!