لوهلةٍ بدا مسار الحرب في اليمن يتجه صوب دراماتيكية جديدة تحاول فرزها الأطراف الأقليمة المشاركة في الحرب، بعد حالة من "الحلزونية السياسية" الطارئة التي خيمت مؤخراً على المشهد الأقليمي والخارجي كذلك في تعاملة مع المشهد في اليمن بعد عامين ونصف من الحرب.
لم تعد النظرة السائدة أن مليشيا الحوثي وصالح هي المليشيا الإنقلابية المنقلبة على شرعية الرئيس هادي المعترف به دولياً ، المليشيا التي عطلت كل إتفاقات الحوار وفرص السلام وأعطبت مسار العملية السياسية برمتها لم تعد هي المسؤول الأول عما يحدث في اليمن بل باتت هذه المليشيا تُسوق كطرف ذا قيمة معيارية يساويها البعض بقيمة الشرعية والحكومة اليمنية ، وظهرت بعض الدول في مظهر مخزي وهي تحاول إعادة صالح ونجله الى الواجهة، في عملية قولبة فاشلة للماضي لا تخدم اليمن و شعبه وقضيته.
الأمر ذاته يطرح تساؤلات عدة حول الجدية الأممية في تنفيذ قراراتها الصادرة وابررزها القرار 2216 الذي يقضي بنزع سلاح المليشيات واخراجها من المدن والمؤسسات ، والذي يبدو ان هزلية التعامل بخصوصه ذهبت بجديته حتى أضحت القرارات الأممية بالنسبة للإنقلابيين امر يشبه الطرافة!
ليس موقف المجتمع الدولي وحده ما يثير الإستغراب ، فانحراف سياسة التحالف العربي تجاه أيران وما أثير من تقارب المواقف معها يجعلنا كيمنيين نتسائل عن مدى جدية التحالف واهدافه المعلنه في مواجهة مليشيا الحوثي وصالح المدعومة ايرانياً ، وعن نيته في استكمال عملياته العسكرية والقضاء على المليشيا ، ام ان ذلك بات مرهوناً على مسار التحالفات الجديدة، سؤال يكتنف إجابته الكثير من الغموض.
كانت عاصفة الحزم ثم انقضت دون أن يلمح اليمنيون حزماً بمعناه الحقيقي ، ثم جاءت إعادة الأمل خالية من بصيص أمل يوحي بإستكمال استحقاقات المرحلة، ومساندة اليمن للخروج من ازمته الراهنة، الا من عبث ممنهج لبعض دول التحالف وتلكوء في مسار دعم الحكومة الشرعية.
الآن كل هذه البروباجندا والمناورات السياسية وصفقات المصالح لا تعني اليمنيين شيئاً ، وعلى ساسة المشهد الأقليمي ان يدركوا ذلك، معركة اليمن الحقيقة تتمثل في اسقاط الإنقلاب واستعادة الدولة، لذلك فإن رمادية التعامل، وضبابية المواقف لن تهسم في إستقرار اليمن ومعه لن يستقر الأقليم والمنطقة ، على التحالف إكمال ما بدأ به ، وعلى الشرعية ان تبرز نفسها بالشكل الذي يأمله اليمنيون وتتطلبه اللحظة والموقف.