لا احد في مأمن باليمن ، فمنذ أن وضعت الحرب اوزارها ، تقاسم أوجاعها الجميع بمن فيهم الأطفال الذين وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها ، مقاتلون ، ضحايا ، جائعون، كيف لا وهي الكلمة المشمولة بالحرمان ، الجارة ما ورائها الى ويلات حتمية ، فما بين القتل والمعاناة والجوع ، يجد الطفل اليمني نفسه تائها، منسيا ، تتقاذفه الهموم ، لا متسع للفرح ، ولا متكئ يذود عنه وجع تلك السنون.
الأطفال هم وقود الحرب ، لا حقيقة أخرى ، كتلة باذخة الطهر ،انتهكت الحرب قدسيتها ، واضفت عليها مساوئ لا تنتهي.
من المهد الى الحرب ، فصول ضائعة ،خطوات منسية ، عالم من القصيد ، تداعى باحثا عن بقايا قصيدة تلملم ذاك الشتات.
الوقوف على ناصية الوجع ، بئس ما يمنى به المرء على امتداد الحياة ، فكيف لمن هم عبق الحياة وريحانها ان يتحمله.
على وقع الحرب اذا ، تتغير الموازين ، وتهدأ الحكايا ، الا تلك الموسومة بنهايات مفزعة ، لا شيء سوى الخوف يتصدر المشهد ، لكأن الزمن توقف عند ذلك الفصل الخبيث ، وانحدر في هاوية سحيقة ، ولكأن الأرض أنتشت بما عليها ، ولم تعد تأبى بكل ذلك القبح.
تحت أصوات البيادق ، وجوة تتشح السواد ،وعيون ترقب لحظة الخلاص، وقلوب تنبئ باحتضار الحلم على أطراف الطريق.
هي دعوة لكل ذي ضمير حي ، وقلب حي ، هي حاجة إلى منقذ يعيد تلك الروح إلى مراسيم العيش قبل فوات الوقت .