احتشاد الجماهير بميدان السبعين الشهير بصنعاء الأخير احتفالاً بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس المزال علي عبد الله صالح، كشف عن عمق الأزمة بين شريكي الانقلاب، الحوثي وصالح.
هو كان من الأساس «حلف ضرورة» غير مشيّد على قواعد بناء صحيحة، يكفي فقط قراءة أدبيات وثقافة المؤتمريين، وقراءة أدبيات وثقافة الحوثيين، لرصد التنافر والتناقض الذي لا يمكن تقريبه بحال.
ما يجمع بين الطرفين هو فقط مواجهة ما يصفونه بـ«العدوان»، وتعني عمليات التحالف العربي - الإسلامي، وقوات الشرعية اليمنية، لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية اليمنية، ولطرد النفوذ الإيراني - الخميني من اليمن.
لكن مع مرور أكثر من سنتين على تشييد هذا التحالف «الهجين» بين الحوثيين والمؤتمريين الصالحيين، تقيّحت الخلافات، وطفحت على جلد الجسد السياسي الانقلابي، فكانت الاتهامات المتبادلة التي خرجت للعلن بين عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح، وأنصارهما.
صالح، وقبل حشد ميدان السبعين، وصف أمام أنصاره اللجان الحوثية الثورية، وهي الحكومة الخفية بمناطق الانقلاب، بالميليشيات، وهزأ من «ملازم» حسين الحوثي، وهي «إنجيل» هذه الجماعة الزيدية «المتخيمنة»، وبدورهم كال الحوثيون الصاع صاعين لجماعة صالح ولصالح شخصيّاً.
في احتشاد ميدان السبعين، حيّا عارف الزوكا أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام الأنصار بـ«يا أحفاد سبأ وحمير»، واصفاً حزب المؤتمر الشعبي العام الذي حكم اليمن لعقود بأنه «تنظيم وُلِد من صلب هويتكم وثقافتكم».
الغمز واللمز واضح هنا من قناة الحوثيين، حيث لا مكان للتاريخ اليمني القديم في أدبياتهم، بل إن حسين الحوثي، المؤسس، له كلمات سخر فيها من حضارات سبأ ومعين وحمير، والتاريخ عنده هو تاريخ القيادة الهاشمية لليمن.
الزوكا أعلن أيضاً عن رفض المؤتمر لمحاولات الحوثيين تغيير مناهج التعليم اليمنية وفق أدبيات «سيدي» حسين الحوثي!
الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية والعسكرية كلها مع بعضها ضغطت على الحلفين لتفجير التوتر بينهما.
صالح، مُراقِص الثعابين، لا يريد شطب الحوثي من المشهد نهائيّاً، إن كان يقدر أصلاً، بل يريد «ترويض» الثور الحوثي الهائج، وتسخيره للمناورات السياسية الداخلية والخارجية.
من هنا، فإنه يجب الحذر والاقتصاد في التفاؤل حيال هذا الشقاق الذي ذرّ قرنه بين الحليفين «الأعدقاء» حتى حين.
مرة أخرى، الهدف الجوهري للسعودية، قائدة التحالف، هو كسر الشوكة الحوثية، التي هي شوكة خمينية بالنهاية، واستقرار اليمن، أما كيف ومن يختار اليمنيون لحكمهم، وكيف يحكمهم، فتلك قضية تخصّ أهل اليمن.
العبرة من هذا التراشق الحوثي الصالحي أن ما بُنِي على باطل فهو باطل.