أطلقت الأمم المتحدة، مرة أخرى، صيحة فزع في اليمن، وطلبت نحو ملياري دولار أمريكي من أجل توفير الغذاء والمواد الأساسية لإنقاذ حياة أكثر من 12 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة جراء الحرب الدائرة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما زاد في حجم الكارثة وبدأ يعطيها أبعاداً أخرى.
لا اختلاف على أن الوضع اليمني «يتدهور بسرعة»، ولكن الكثير من المنظمات الدولية تهتم بظاهر المشهد وتتجاهل أسبابه. ومع تسجيل أن اليمن لم يكن على ما يرام قبل الحرب الحالية، فقد اتسعت فيه الكارثة بعد الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014، وما تلاه من تحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وشن الحرب على الشعب اليمني، مما استدعى تدخل التحالف العربي لوقف ذلك العدوان ودعم الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي. وأمام طول أيام الحرب تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل مخيف بسبب مصادرة الميليشيات الحوثية مقدرات الدولة ونهبها لصالح ما يسمونه «المجهود الحربي»، والاعتداء على مدن ومحافظات بأكملها، وأكبر الأمثلة على ذلك تعز التي تعاني على مدار عامين حصارا جائرا ألحق الأذى بمئات الآلاف من السكان، كما عمدت الميليشيات الانقلابية إلى خطف المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها خصوصا في شمالي البلاد وفي العاصمة صنعاء.
عندما تدخل التحالف العربي عسكرياً لنصرة شرعية الرئيس هادي، تدخل إنسانياً أيضاً لإغاثة الشعب اليمني في مختلف مناطقه، ومع بدء أولى الغارات على مواقع الانقلابيين ومعسكراتهم، انطلقت قوافل الإغاثة إلى المناطق الأشد حاجة للغذاء والكساء والدواء. وكانت الإمارات العربية المتحدة ممثلة بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة الإنسانية من أبرز مانحي المساعدات، لتنطلق بالتوازي مع عمليات التحرير مشاريع التأهيل والتعمير في المدارس والمستشفيات والبنى التحتية. ولا يكاد يمر يوم دون أن يكون للإمارات مساهمة إنسانية عبر توزيع السلال الغذائية أو الأدوية أو التجهيزات الطبية أو الخيم والأغطية، وقد وصلت بعض القوافل على ظهور الجمال إلى الفيافي والمناطق النائية، وقد بلغ حجم المساعدات الإماراتية في العام الماضي أكثر 1،2 مليار دولار. وقد لقيت كل تلك المبادرات استحسان الشعب اليمني لأنها هدفت إلى إعادة الحياة إلى اليمن ومده بأسباب مقاومة المجاعة والأمراض والخصاصة، مثلما تساعده وتمده بأسباب مقاومة الانقلاب والجماعات الإرهابية التي تحاول الركوب على الوضع المتردي أمنيا واجتماعيا.
يحق للشعب اليمني أن يستعيد عافيته وينتصر على كل التحديات التي تواجهه. ومن شروط تحقيق هذا الطموح عودة الشرعية وإنهاء الانقلاب. وبإمكان الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة أن تساعد هذا الشعب من خلال الضغط على الحوثيين لإنهاء انقلابهم وإجبار داعميهم، وخصوصاً إيران، على وقف تهريب السلاح وتعطيل المساعي السلمية لإنهاء هذه المأساة في أقرب وقت.