إعلان الرئيس اليمني السابق المخلوع علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي الاتفاق على تشكيل «مجلس سياسي» لحكم اليمن، فيما مشاورات الكويت متواصلة بحثاً عن حل سياسي، يدل على «طفولة»، وسياسية أقرب إلى التهريج منها إلى أي شيء آخر.
يعتقدون أنهم بهذه الخطوة يكرّسون «شرعيتهم»، وهم في الواقع يكرّسون خيبتهم وفشلهم، ويؤكدون أنهم مجرد جماعة انقلابية احتكمت إلى قوة السلاح لتنفيذ مشروعها، خدمة لأجندات لا علاقة لها باليمن واليمنيين.
فما معنى اتخاذ مثل هذا القرار، ومشاورات الكويت التي يشاركون فيها مستمرة، غير أنهم يتخذون من المشاورات التي تجري تحت رعاية خليجية ودولية غطاء لما يسعون إليه ويخططون له؟ وهل تعني هذه الخطوة غير الاستخفاف بالمحادثات والنية المسبقة بإفشالها؟
ليس هناك من عاقل يقدم على مثل هذه خطوة وهو يدرك أنها تمثل خروجاً على الشرعية في الأساس، وتتناقض مع كل القرارات الدولية ذات الصلة بالأزمة اليمنية، وتستخف بالجهود المبذولة لحل الأزمة اليمنية.
إذا اعتقدت جماعة صالح والحوثي أنها بهذه الخطوة تفرض أمراً واقعاً، أو تمارس ضغطاً على وفد الشرعية في المحادثات، أو على الأطراف الأخرى، فإنها تخطئ مرتين. أولاً: إن قوة غير شرعية لا تستطيع أن تفرض شرعيتها بقرار منها، وثانياً: إن أحداً لن يتعامل مع قرار كهذا إلا على أساس أنه باطل ولا قيمة له، ويضع أصحابه في موقع المتهم بالخروج على الإجماع اليمني والعربي والدولي.
يبدو أن هذه الجماعة فقدت العقل والاتزان، وأصبحت تخبط خبط عشواء، بلا تقدير لخطواتها، وهذا يدل على فقدانها البوصلة السياسية والوطنية، وعدم تقدير عواقب الأمور، ما يؤدي إلى مزيد من الكوارث والمصائب على الشعب اليمني الذي يعيش على أمل انتهاء محنته التي طالت وأكلت الأخضر واليابس، وأودت بحياة عشرات الآلاف، ودمرت بلداً كان في الأساس يفتقد إلى الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
هذه الخطوة الهوجاء الساذجة تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، أو ما دونها، وتقضي على بريق أمل لاح لليمنيين في محادثات الكويت. فبدل أن تبادر جماعة صالح والحوثي إلى تقديم تنازلات من أجل اليمن للوصول إلى تسوية تحفظ حق الجميع، وكرامة الجميع، تأكيداً لوطنيتها، فإذا بها تتخذ خطوة تنم عن مراوغة ونزق سياسي، وعن جهل بالتداعيات المحتملة لانقلابها الجديد على الشرعية، ما يضعها في موقع الشبهة، ويؤكد أن ما أقدمت عليه حتى الآن يدل على استعدادها للتفريط في اليمن وأهله، من أجل مصالحها ومخططاتها.