[ الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في اليمن - تصوير عبدالرحمن الغابري ]
كشف الباحث بروس ريدل، وهو زميل أول في مجلة فورين بوليسي، ومركز سياسة الشرق الأوسط، ومركز ستروب تالبوت للأمن والاستراتيجية والتكنولوجيا، عن تفاصيل من حقبة الصراع، بين شطري اليمن نهاية السبعينيات والثمانينيات، خلال فترة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
وتحدث في مقال نشره موقع معهد بروكينج بعنوان " أزمة جيمي كارتر المنسية في اليمن" وترجمه الموقع بوست عن كواليس وتفاصيل من الحرب التي شهدها شطري اليمن، قبيل تحقيق الوحدة اليمنية بين الشطرين في الـ22 من مايو 1990م.
وقال الكاتب إن الرئيس كارتير هزم محاولة شيوعية مدعومة من الاتحاد السوفيتي للإطاحة بالنظام الموالي للغرب في شبه الجزيرة العربية.
وذكر إنه في السبعينيات كان اليمن يعاني من التقسيم بين الشمال حيث يحكم الديكتاتور العسكري علي عبد الله صالح، والجنوب الذي كان يحكمه الحزب الشيوعي، الذي عانى من التمزق بسبب الاقتتال الداخلي مع المتشددين المتطرفين المسؤولين.
وأشار إلى أنه في 24 فبراير 1979 شنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية غزوًا واسع النطاق عبر الحدود الشمالية، رداً على غارة صغيرة من الشمال ربما لم يأذن بها صالح، مشيرا إلى أن جنوب اليمن كان يتمتع بتفوق جوي، بفضل المساعدة الكبيرة من روسيا وألمانيا الشرقية، ومشاركة ثمانمائة جندي كوبي ساعدوا الجنوب، ووجود ألف مستشار وخبير سوفيتي في الجنوب، يعملون إلى جوار النظام الحاكم.
وأضاف بالقول: "كانت الدبابات الجنوبية على وشك الاستيلاء على مدينة تعز، العاصمة السابقة للشمال، وهو ما كان سيشكل ضربة قاصمة لصالح، وفي الثامن من مارس من ذات العام قصفت القوات الجوية الجنوبية صنعاء، وبعد يومين داهمت ميناء الحديدة الرئيسي، ما دفع بالرئيس صالح لمناشدة واشنطن وبغداد والرياض للمساعدة.
وقال بأن الرئيس الأمريكي كارتر رد بشكل حاسم لقد الذي كان حينذاك مسؤلا عن فرار شاه إيران من طهران، و متوجهاً إلى القاهرة لمحاولة إنهاء اتفاق السلام المصري الإسرائيلي، ورأى هو ومستشاره للأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي هجوم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بمثابة اختبار سوفيتي وكوبي لعزم الرئيس على الدفاع عن حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.
وكشف بأن أمريكا أرسلت ثمانية عشر مقاتلة من طراز F-5 لمحاربة القوات الجوية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ونظرًا لعدم وجود طيارين مدربين في اليمن على F-5فقد جعل كارتر تايوان ترسل 80 طيارًا وطواقم جوية لتشغيلها وصيانتها.
وتطرق الكاتب لموقف المملكة العربية السعودية التي وافقت على دفع تكاليف الطائرات والأطقم، وكذلك الدبابات والمدفعية وغيرها من المعدات الخاصة بالشمال، والتي وصلت إلى 300 مليون دولار، فيما أرسل العراق أطقم دفاع جوي للمساعدة في حماية صنعاء، وقامت البحرية الأمريكية باستعراض للقوة في البحر الأحمر من خلال نشر عدة سفن حربية.
وأضاف الكاتب: "استخدم العراق نفوذه السياسي لتأمين وقف إطلاق النار في 20 مارس 1979، ووقع الجانبان اليمنيان في الكويت على وقف إطلاق النار، ووعدا بالتوحيد السلمي، ولم يحدث ذلك، لكن التدخل العربي لإنهاء الأزمة، واندفاع المساعدات الأمريكية إلى الشمال أضعف قوة الراديكاليين في عدن، وفي عام 1980 ذهب الزعيم الشيوعي عبد الفتاح إسماعيل إلى المنفى الطوعي في موسكو".
ويعلق الكاتب على تلك التفاصيل بالقول أن اتفاقية الكويت والمساعدات من الخارج بما في ذلك من كارتر وصدام حسين أعطت صالح دفعة قوية لصالح، ثم جلب الاستقرار والنظام إلى البلاد بعد عقدين من الحرب والاغتيالات والانقلابات والمكائد.
وتطرق إلى فترة حكم الرئيس السابق صالح، الذي قال بإنه اشتهر بقوله إن حكم اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الثعابين، لأن السياسة اليمنية انقسمت بسبب العداوات القبلية والاختلافات الدينية والجغرافيا، وعلاوة على ذلك فإن الجهات الخارجية وخاصة السعودية، تتدخل إلى ما لا نهاية في سياسات الشمال.
وذكر أن العراق دعم اليمن طوال الثماني سنوات الطويلة من الحرب الإيرانية العراقية.، وأن متطوعين من اليمن قاتلوا مع العراقيين، في الحرب التي كانت أطول صراع تقليدي في العالم منذ الحرب الكورية، ومات فيها ما لا يقل عن 500 الف إيراني، وربما 300 ألف عراقي.
وأضاف بأن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر سافر بعد سنوات عديدة إلى اليمن، ووصف زيارته لتك بانها كانت أروع دولة زارها على الإطلاق، حتى أنه جرب القات، معتبرا موقف كارتر الحاسم في عام 1979 جعل بقاء صالح في السلطنة ممكنًا، ومنع الاتحاد السوفيتي من الهيمنة على شبه الجزيرة العربية.
لقراءة المادة الأصلية على الرابط هنا