[ تحقيق يكشف عن تورط موظفين أمميين بقضايا فساد في اليمن ]
كشفت وكالة أسوشيتد برس الأميركية عن تورط موظفين أمميين بقضايا فساد في اليمن، الذي يشهد حربا منذ قرابة خمسة أعوام.
وقالت الوكالة في تحقيق لها ترجمه "الموقع بوست إنّ أكثر من 10 عمال إغاثة تابعين للأمم المتحدة، تم توظيفهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية الناجمة منذ خمس سنوات من الحرب الأهلية في اليمن؛ متهمون بالكسب غير المشروع، والتعاون مع المتحاربين من جميع الأطراف لإثراء أنفسهم من الموادّ الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دولياً.
وبحسب التحقيق، فإنه تم تعيين اشخاصا غير مؤهلين في وظائف ذات رواتب عالية، وتم إيداع ملايين الدولارات في حسابات مصرفية للعاملين الأممين، وتمت الموافقة على عشرات العقود المشبوهة دون الأوراق المطلوبة.
وأوضح أن محققي الأمم المتحدة المجتمعون في قاعة المغادرة بمطار صنعاء كانوا يستعدون للمغادرة بأدلة ثمينة: أجهزة الكمبيوتر المحمولة ومحركات الأقراص الخارجية التي تم جمعها من موظفي منظمة الصحة العالمية. لقد اعتقدوا أن أجهزة الكمبيوتر هذه تحتوي على دليل على الفساد والاحتيال داخل مكتب وكالة الأمم المتحدة في اليمن.
وقالت الوكالة: "قبل أن يتمكنوا من الصعود إلى الطائرة، سار رجال المليشيات المسلحين من المتمردين الحوثيين -الذين يحكمون شمال اليمن- إلى القاعة وصادروا أجهزة الكمبيوتر، وفقًا لما ذكره ستة من مسؤولي الإغاثة السابقين والحاليين".
ونقلت الوكالة عن مسؤولين أممين قولهم إن هذا أمر فاضح ويدمر حياد الأمم المتحدة. ويركز تحقيق آخر أجرته منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة، اليونسكو، على موظف سمح لقيادي حوثي بالتنقل في مركبات تابعة للوكالة ما يقيه الضربات الجوية المحتملة من قبل قوات التحالف.
ووفقا للوكالة، فإن الموظفين في منظمة الصحة العالمية -الذين لهم صلات بحركة التمرد- قد أخبروا الحوثيين بأن يخشون أن يتم اكتشاف سرقة تمويل المساعدات، وفقًا لما ذكره المسؤولون الستة السابقون والحاليون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لأن الاستيلاء على أجهزة الكمبيوتر لم يسبق له أن تم نشره علناً.
وحصلت الوكالة الأميركية على وثائق التحقيق الداخلية للأمم المتحدة، وقابلت ثمانية عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية تجري تحقيقاً في المزاعم بأن أشخاصاً غير مؤهلين قد تم توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية، وتم إيداع مئات الآلاف من الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة دون توفر المستندات المناسبة، وفقدان أطنان الأدوية والوقود المتبرع بها.
وتحدث الأشخاص إلى الوكالة عن التحقيقات، شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من الانتقام. ويقول منتقدون إن هذا الفساد يهدد شريان الحياة الدولي، الذي تعتمد عليه غالبية سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
ووفقا للوكالة "يحقق المراجعون الداخليون لمنظمة الصحة العالمية في مزاعم تفيد بأن أشخاصاً غير مؤهلين قد تم توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية وتم إيداع ملايين الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، وتمت الموافقة على عشرات العقود المشبوهة دون الأوراق المطلوبة وأطنان من الأدوية والوقود المتبرع بهما ذهب أدراج الرياح".
ويركز التحقيق الثاني الذي أجرته منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وهي اليونيسف، على موظف سمح لقائد متمرد من الحوثيين بالسفر في مركبات تابعة للوكالة مما يحميه من الضربات الجوية المحتملة من قبل التحالف الذي تقوده السعودية. الأفراد الذين تحدثوا إلى وكالة أسوشييتد برس عن التحقيقات فعلوا ذلك شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من الانتقام.
ونقلت الوكالة عن نشطاء يمنيين إن الإجراءات التي اتخذتها وكالات الأمم المتحدة مرحب بها، لكنها لا ترقى إلى مستوى التحقيقات اللازمة لتتبع ملايين الدولارات من الإمدادات والأموال من برامج المساعدات التي فقدت أو تم تحويلها إلى خزائن المسؤولين المحليين على جانبي الصراع منذ بداية الحرب الأهلية.
وبحسب الوكالة، فقد بدأ التحقيق الذي أجرته منظمة الصحة العالمية في مكتبها في اليمن في نوفمبر مع مزاعم بسوء الإدارة المالية ضد نيفيو زاجاريا، وهو طبيب إيطالي، وكان رئيس مكتب صنعاء في الوكالة من 2016 حتى سبتمبر 2018، وفقًا لثلاثة أفراد لديهم معرفة مباشرة بالتحقيق.
وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، تاريك جاساريفيتش لـ"أسوشييتد برس"، أنّ التحقيق جارٍ، وأضاف أن زاغاريا تقاعد في سبتمبر/ أيلول 2018، لكنه لم يؤكد أو ينفي أن زاغاريا كان بالتحديد قيد التحقيق.
وأشار التحقيق إلى أن الإعلان العلني الوحيد عن التحقيق جاء في جملة مدفونة في 37 صفحة من التقرير السنوي للمدقق الداخلي لعام 2018 حول الأنشطة في جميع أنحاء العالم، ولم يذكر التقرير زاجاريا بالاسم.
واوضح التقرير، الذي صدر في 1 مايو، أن الضوابط المالية والإدارية في مكتب اليمن كانت غير مرضية -كأدنى تصنيف لها- ولاحظت وجود مخالفات في التوظيف وعقود عدم منافسة ونقص في الرقابة على المشتريات.
أكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق جاساريفيتش، لوكالة أسوشييتد برس أن التحقيق جار. قال إن زاجاريا تقاعد في سبتمبر 2018، لكنه لم يؤكد أو ينكر أن زاجاريا كان بالتحديد قيد التحقيق.
وقال "مكتب خدمات الرقابة الداخلية يحقق حالياً في جميع المخاوف التي أثيرت. يجب أن نحترم سرية هذه العملية ولا يمكننا الخوض في تفاصيل المخاوف المحددة".
لم يرد زاجاريا على الأسئلة المرسلة عبر البريد الإلكتروني من وكالة الأسوشييتد برس.
ووفقا للوكالة، وصل زاجاريا، وهو موظف في منظمة الصحة العالمية لمدة 20 عامًا، إلى اليمن في ديسمبر 2016 بعد قضاء أربع سنوات في الفلبين. وقد نال إشادة واسعة النطاق بسبب تعامله مع استجابة الوكالة لإعصار حيان في نوفمبر 2013.
بسبب عمله أثناء الإعصار، بدا زاجاريا الشخص المثالي لقيادة الجهود الإنسانية للوكالة في اليمن والتي تعتبر عملية ضخمة وتوفر الدعم لأكثر من 1700 مستشفى ومركز صحي في جميع أنحاء البلاد.
وقال ثلاثة أفراد إن زاجاريا استعان بموظفين مبتدئين عملوا معه في الفلبين ورفعهم إلى وظائف ذات رواتب عالية لم يكونوا مؤهلين لها. اثنان منهم -طالب جامعي فلبيني ومتدرب سابق - حصلوا على مناصب عليا، لكن دورهم الوحيد كان الاهتمام برعاية كلب زاجاريا، حسبما قال اثنان من المسؤولين.
وقال مسؤول سابق في المساعدات: "وجود موظف غير كفؤ مع رواتب كبيرة، قوض جودة العمل ورصد المشاريع وخلق العديد من الثغرات للفساد".
يشير التحقيق إلى أن زاجاريا وافق أيضاً على العقود المشبوهة الموقعة من قبل الموظفين مع عدم وجود عطاءات تنافسية أو وثائق للإنفاق، وفقاً للوثائق الداخلية التي استعرضتها الأسوشيتد برس.
كما تبين الوثائق أن الشركات المحلية التي تم التعاقد معها لتقديم الخدمات في مكتب عدن التابع لمنظمة الصحة العالمية تبين فيما بعد أنها استأجرت أصدقاء وعائلة موظفي منظمة الصحة العالمية وتم دفع رسوم إضافية مقابل الخدمات. وشوهد صاحب شركة واحدة وهي تسلم نقوداً لموظف واحد، حيث تظهر الوثائق ذلك.
ونقلت الوكالة عن أربعة أشخاص على دراية بالأنشطة في المكتب أن موظفة منظمة الصحة العالمية تدعى تميمة الغولي هي التي أبلغت الحوثيين بأن المحققين كانوا يغادرون مع أجهزة الكمبيوتر المحمولة. قالوا إنهم كانوا يلفقون كشوفات الرواتب، مضيفين الموظفين الأشباح ويجمعون رواتبهم أو يأخذون نقوداً لتوظيف أشخاص. وقالوا إن من بين أولئك الذين وضعتهم كشوفات الرواتب زوجها، وهو أحد أفراد عائلة الحوثي الرائدة.
وفقًا لفرد لديه معرفة مباشرة بالحادثة، فقد تم تعليق تميمة الغولي منذ ذلك الحين، لكنها لا تزال موظفة في منظمة الصحة العالمية. لم ترد على محاولات أسوشيتد برس للوصول إليها.
وفقًا للوثائق الداخلية، في عهد زاجاريا استخدمت أموال المساعدات المخصصة للإنفاق خلال حالات الطوارئ مع القليل من المساءلة أو المراقبة.
بموجب قواعد منظمة الصحة العالمية، يمكن تحويل أموال المساعدات مباشرة إلى حسابات الموظفين وهو إجراء يهدف إلى تسريع عملية شراء السلع والخدمات في الأزمات. وتقول منظمة الصحة العالمية إن هذا الترتيب ضروري لمواصلة العمليات في المناطق النائية لأن القطاع المصرفي اليمني لا يعمل بشكل كامل.
ولم يرد زاغاريا على تساؤلات طرحتها عليه "أسوشييتد برس" عبر البريد الإلكتروني. وتنظر اليونيسف، وهي وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تعمل في اليمن، في مزاعم ارتكاب موظفيها مخالفات في اليمن.
ووفقاً للعديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى الوكالة الأميركية، فإن هناك علاقات وثيقة بين موظفي الأمم المتحدة والمسؤولين المحليين في كلا طرفي الصراع.
وذكر تقرير سرّي للجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن، الذي حصلت عليه "أسوشييتد برس"، أن سلطات الحوثي تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، لإجبارها على توظيف موالين لها، وإرهابهم بالتهديد بإلغاء التأشيرات بهدف السيطرة على تحركاتهم وتنفيذ مشروعات بعينها.
وقال مسؤول إن عدم قدرة الأمم المتحدة أو عدم رغبتها في معالجة الفساد المزعوم في برامج مساعداتها، يضرّ بجهود الوكالة لمساعدة اليمنيين المتضررين من الحرب. وأضاف مسؤول الإغاثة: "هذه فضيحة لأيّ وكالة وتدمير حيادية الأمم المتحدة".
ووجد التحقيق أن الضوابط المالية والإدارية في مكتب اليمن كانت "غير مرضية"، وهو أدنى تصنيف لها، وأشار إلى وجود مخالفات في التوظيف وعقود تم إبرامها دون منافسة ونقص في الرقابة على المشتريات.
وذكر أربعة موظفين حاليين وسابقين أن مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن، تحت قيادة زاغاريا، يعج بالفساد والمحسوبية.
* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست