[ أمريكا صنفت كتائب أبو العباس ضمن قوائم الإرهاب ]
قالت صحيفة الواشنطن بوست، إن قائد كتائب أبي العباس، في اليمن، يستمر في تلقي ملايين الدولارات من الأسلحة والدعم المالي لمقاتليه من أحد أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط -الإمارات العربية المتحدة- مما يقوض أهداف مكافحة الإرهاب في اليمن.
وتقول الصحيفة، وفق ترجمة "الموقع بوست"، إن الامارات تقود -إلى جانب المملكة العربية السعودية- تحالفاً إقليميا يشنّ الحرب في اليمن حتى مع تفاقم الأزمة الإنسانية هناك. هدف التحالف الرئيسي هو هزيمة المتمردين الحوثيين الموجودين في الشمال واستعادة الحكومة الشرعية في البلاد.
وتضيف "الولايات المتحدة تساعد في جمع المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي وتبيع مليارات الدولارات من الأسلحة والمعدات بما في ذلك العديد من العربات المدرعة "MRAP" التي انتهى بها المطاف في يد أبو العباس، وذلك وفقاً لأحد كبار داعمي الحرب وكذلك الصور المتاحة عبر الإنترنت".
وقال أبو العباس (47 عاماً) في مقابلة نادرة هذا الشهر في منزل يخضع لحراسة مشددة في مدينة عدن الجنوبية "التحالف ما زال يؤيدني.. إذا كنت حقا إرهابي كانوا سيأخذونني للاستجواب".
وذكرت الواشنطن بوست أن التحالف يعمل ضد الجهود الأميركية لنزع فتيل التهديدات العالمية المنطلقة من جنوب اليمن، حيث تشن إدارة ترامب صراعاً منفصلاً ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المتواجد في اليمن وفرع تابع للدولة الإسلامية. وقد استهدفت القاعدة الولايات الأمريكية المتحدة عدة مرات ويعتبرها المسؤولون الأمريكيون ذراع شبكة الإرهابيين الأكثر خطورة.
وتؤكد حالة أبو العباس على التحالفات الغريبة والرؤى الشاذة التي تعم بين جميع الأطراف في حرب اليمن التي دامت أربع سنوات. لقد تحول الأعداء الرئيسيين إلى حلفاء. يقاتل الانفصاليون إلى جانب أولئك الذين يفضلون اليمن الموحد. الاشتراكيون والإسلاميون يوجدون في نفس المعسكر وهم الذين يأتون بظلال أيديولوجية مختلفة.
وتتزايد حدة الإنقسامات في الصراعات الفرعية التي تتفاقم بسبب الخصومات القبلية والطموحات السياسية والبحث عن النفوذ. في مثل هذا المشهد المتشابك والممزق غالباً ما تتعارض الأولويات التي تدفع بالحرب الأولية ضد المتمردين مع أولويات الحرب الأمريكية ضد المتطرفين الإسلاميين.
وقالت ريبيكا ريبيريتش، المتحدثة باسم وزارة الدفاع: "نحن على علم بهذه التقارير ونسعى للحصول على معلومات إضافية"، وذلك في إشارة إلى تسليح وتمويل التحالف لأبو العباس، الذي يستخدم اسم الكنية. بينما اسمه -كما جاء في قائمة العقوبات الأمريكية- هو عادل عبده فارع عثمان الذبحاني.
ولم ترد حكومة الإمارات ولا التحالف -الذي يتخذ من الرياض مقراً له- على طلبات التعليق.
وبينت الصحيفة أن تمويل أبو العباس يثير المزيد من الأسئلة حول هذا السلوك. وحتى مع إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أنها شريك رئيسي في معركة مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة هنا، فإن أبو العباس -أحد أتباع سلالة الإسلام الفظة التي تعرف باسم السلفية- هو محور إستراتيجية التحالف الإسلامي السني لهزيمة المتمردين الشيعة وحليفتهم إيران.
إن أمير الحرب حيوي أيضاً لطموحات الإمارات العربية المتحدة الطويلة الأمد في ممارسة نفوذها على جنوب اليمن، بحسب وصف الواشنطن بوست.
وقال مسؤول كبير في الإدارة للصحفيين في القاهرة في وقت سابق من هذا العام إن الولايات المتحدة تعلم بوجود ميليشيات مدعومة من التحالف في مدينة تعز بجنوب وسط اليمن حيث يوجد أبو العباس: "الكل هم القاعدة لكن بالاسم وفي بعض الحالات يكون التعريف علانية هو مع القاعدة".
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن دعم التحالف لأبو العباس وغيره من الميليشيات الإسلامية، قال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة الأمور الحساسة بحرية، إن الإمارات فضّلت العمل مع بعض الأصوليين الإسلاميين الذين يعملون بمثابة ثقل الموازنة لأعدائها في الجنوب. وفي ظل هذه الظروف "من السهل جدًا على القاعدة أن تزج بنفسها في هذا الخليط".
كان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مسؤولاً عن إرسال الطرود المفخخة على متن الرحلات الجوية إلى الولايات المتحدة في عام 2010 ومؤامرة فاشلة لتفجير طائرة فوق ديترويت في يوم عيد الميلاد عام 2009، إضافة إلى هجمات أخرى ضد الغرب.
لكن المسلحين السنّة سعوا لفترة طويلة لزعزعة استقرار السلطات المحلية أيضاً وإيجاد المجندين والملاذات الآمنة بين القبائل المحبطة من الخدمات الحكومية الضعيفة.
تتحول ولاءات القبائل بشكل مستمر، فقد دفع التحالف وخاصة الإمارات العربية المتحدة البعض منهم للتخلي عن القاعدة ، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وقادة للقوات المحلية المدعومة من التحالف، بينما يستمر آخرون في القتال إلى جانب المسلحين.
وفي محافظة البيضاء، تقاتل القبائل المتحالفة مع تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية الحوثيين. وقال زعماء القبائل والمسؤولون المحليون إن التحالف يقوم بتسليحهم وتمويلهم.
وقال أحمد فاضل أبو سرية، نائب محافظ البيضاء: "في الوقت نفسه يحاولون أن يظهروا في وسائل الإعلام أنهم مع الولايات المتحدة وأنهم يقاتلون ضد القاعدة والدولة الإسلامية".
عندما استولى الحوثيون على تعز في عام 2015، انضم أبو العباس إلى القوات القبلية التي دفعت المتمردين إلى ضواحي المدينة، حيث بقوا هناك. ومنذ ذلك الحين دمج التحالف ميليشيا أبو العباس في الجيش. لكن مقاتليه الثلاثة آلاف يتبعون أوامره فقط.
إن أبو العباس، الذي يبلغ طوله 5 أقدام و6 بوصات وله لحية سوداء، هو الآن في صراع ضد وكلاء التحالف الآخرين من أجل التأثير في تعز. وأعداؤه الرئيسيون هم المليشيات المتحالفة مع حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي تنظر إليه الإمارات العربية المتحدة كجناح راديكالي للإخوان المسلمين ويهدد طموحاتها في جنوب اليمن.
يقول نيكولاس هيراس -وهو خبير الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد للأبحاث الذي مقره واشنطن- إن أبو العباس "قد أصبح رجلًا لا غنى عنه لدولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن".
وينفي أبو العباس مزاعم الإرهاب، قائلاً إن معارضيه في تعز غذوا سلطات الولايات المتحدة بمعلومات استخبارية زائفة. لكنه يعترف بأن ميليشياته قاتلت إلى جانب مقاتلي القاعدة والدولة الإسلامية عندما انضم المتطرفون السنة إلى المقاومة. وقال إن بعض المقاتلين كانوا متواجدين في مناطق يسيطر عليها. لكنه قال "لم نوافق على أيديولوجيتهم" وإن رجاله دفعوهم بعيداً في وقت لاحق.
في تعز، تساءل كبار القادة العسكريين في حزب الإصلاح عن سبب استمرار التحالف في تسليحه بعد وضعه في قائمة عقوبات الولايات المتحدة.
وقال صادق سرحان، الذي يقود اللواء الثاني والعشرين للجيش اليمني: "وفقاً للمعلومات المتوفرة لدي فإنه لا يزال يوفر الحماية لهؤلاء الخارجين عن القانون".
وآخرون يدافعون عنه مستشهدين بجهوده ضد المتمردين. ويقول أحد نواب محافظين المدينة: "نحن نعرف أبو العباس كمقاتل شرس في ساحة المعركة".
وقال أبو العباس إنه طلب من التحالف إجراء تحقيق "لإظهار الحقيقة" وتوضيح اسمه. وقال: "إنني على استعداد ليتم نقلي إلى الولايات المتحدة للاستجواب".