نددت لجنة حماية الصحفيين بالوضع الذي يعيشه الصحفيون اليمنيون، في ظل الحرب الدائرة في اليمن منذ أربع سنوات، مؤكدة أنهم يتعرضون لهجمات وحرب من مختلف الجهات داخل اليمن.

وكتب جوستين شيلاد وهو باحث مشارك في اللجنة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها تقريرا نشره موقع اللجنة وتطرق فيه إلى الوضع الذي يعيشه الصحفيون اليمنيون في ظل سلطة الحوثيين، والحكومة الشرعية في المناطق المحررة خاصة في جنوب اليمن.

وقالت اللجنة إن تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي صدر الشهر الماضي أكد أن جميع الجماعات المشاركة في الصراع في اليمن - من الجنوب الذي تسيطر عليه الحكومة، مع الميليشيات التابعة لها مدعومة من قبل التحالف الذي تقوده الإمارات والموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، والمناطق التي تسيطر عليها حركة الحوثيين كانت مسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

وذكر أن نتائج ذلك التقرير عكست ما أبلغ به الصحفيون اليمنيون لجنة حماية الصحفيين بأنه لا يوجد مكان آمن لهم، وأنهم يعيشون تحت ضغط مميت من جميع الأطراف، وذكرت اللجنة بالتقارير التي وثقتها منذ بدء القتال في اليمن خلال العام 2014م، والتي وثقت لعمليات الاختطاف والهجمات والحرف العمد والقضائية الجنائية وعمليات القتل.

صنعاء

ونقلت اللجنة عن صحفيين معارضين للحوثي تأكيدهم أنهم لا يستطيعون العمل بأمان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأكدت أن الذين انتقلوا إلى عدن ومناطق أخرى من الجنوب والتي كانت تعتبر آمنة في وقت ما، يتعرضون حاليا  للهجوم والمضايقة من قبل الميليشيات المدعومة من التحالف الإماراتي، كالحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية.

وقالت بأن هذه الجماعات ضغطت على وسائل الإعلام لعدم انتقاد دولة الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من الدول الداعمة للحكومة اليمنية، أو التطرق للقضايا التي تثبت تورط تلك المليشيا في جانب حقوق الإنسان، "ونتيجة لذلك أخبر العديد من الصحفيين اليمنيين لجنة حماية الصحفيين أنهم مجبرون على فرض الرقابة الذاتية على سلامتهم"، وفق حديث اللجنة.

وقالت اللجنة في التقرير الصادر باللغة الإنجليزية - ترجمه الموقع بوست - إنها لم تتلق رداً على طلبها للتعليق من الحكومة اليمنية والقوات المسلحة اليمنية، وكذا من السفارة الإماراتية في واشنطن ووزارة الدفاع الإماراتية وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية على طلبها للتعليق حول الانتهاكات.

عدن

وسردت اللجنة أمثلة على أبرز الانتهاكات التي حدثت وتورطت بها مليشيا تابعة للإمارات في جنوب اليمن، ومنها الاختطاف الذي وثقته في وقت سابق من هذا العام المتمثل بالاعتداء على سبعة من موظفي صحيفة أخبار اليوم بعدن، كما صرح رئيس تحرير صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق للجنة قائلا بأن كتيبة الطوارئ في عدن احتجزته لمدة ثماني ساعات في 1 يوليو / تموز. وأكد للجنة أن الكتيبة تعمل تحت مظلة قوات الحزام الأمني.

وقال بن لزرق للجنة إن المجموعة ضربته مراراً وتكراراً، وأخبره قائدها أنه محتجز لأن صحيفته أبلغت عن مزاعم بأن ميليشيات استولت على أراض في إحدى المناطق بعدن، ومنعت السكان من دخول المنطقة، وذكر أن قائد قوات مكافحة الإرهاب في عدن الذي يعمل ظاهريا تحت قيادة الحكومة اليمنية وجه في نهاية الأمر بإطلاق سراحه والاعتذار له.

حضرموت

كما تطرقت اللجنة لعملية اختطاف الصحفي عوض كشميم في حضرموت من قبل قوات النخبة الحضرمية أوائل شهر فبراير/شباط الماضي، وقال كشميم وهو رئيس سابق لمجلس إدارة صحيفة 30 نوفمبر إن محكمة الجنايات المتخصصة في حضرموت اتهمته "بالتحريض" و "نشر أخبار كاذبة" وإن "الميليشيات التي تتبع الإمارات" حرمته من الكتابة وفرضت قيودا على سفره وتحركاته.

وذكرت اللجنة أن محافظ حضرموت فرج البحسني وقائد قوات النخبة في حضرموت لم يردوا بالتعليق على الرسائل الإلكترونية التي وجهتها اللجنة للاستفسار عن مبررات اختطاف وسجن كشميم.

مأرب

كما تطرقت اللجنة للوضع الذي تعيشه صحيفة أخبار اليوم في مأرب، وقال سيف الحاضري رئيس تحرير الصحيفة إن قوات الحزام الأمني التي اعتقلت موظفي الصحيفة أفرجت عنهم لاحقا، واشترطت عليهم أن يتوقفوا عن العمل مع الصحيفة.

وذكر الحاضري للجنة أن صحيفته في مأرب تعرضت لمضايقات وضغوط، وقال إن الصحفيين الذين ينتقدون ممارسات دولة الإمارات في اليمن يتعرضون للتهديد والاعتقال وربما القتل، وكشف للجنة أن السكرتير الإعلامي للمحافظة على الغليسي اتصل به وهدده بإغلاق الصحيفة إذا تناولت أي مواد تنتقد السعودية وبشكل خاص دولة الإمارات العربية المتحدة، وأكدت اللجنة أن الغليسي لم يرد على استفساراتها في هذا الخصوص.

تعز

اللجنة ذكرت في تقريرها أن وسائل أخرى تعرضت لأشكال مختلفة من الرقابة، ونقلت عن مدير مكتب قناة الجزيرة في اليمن سعيد ثابت سعيد قوله إن الحكومة اليمنية مددت حظرا قائما على القناة في تعز لتطبيقه على جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، كما تم منع القناة من البث في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين، وأضاف ثابت: "تقدمت القناة بطلب تجديد التصريح في ديسمبر 2017 ولكن في يناير علمت أن التصريح قد رُفض".

الحديدة

على ذات السياق قال مدير قناة بلقيس الفضائية أحمد الزرقة للجنة إن القناة توقفت عن تغطية الأخبار في الساحل الغربي لليمن بسبب تلقي القناة تهديدات من قيادة الحزام الأمني، وقال الزرقة إن مدينة المخأ التي خرجت من سيطرة الحوثيين إلى سيطرة الإمارات منعت فيها التغطية الصحفية.

وقال الزرقة إن التحالف العربي والمليشيا التي تقاتل تحت مظلته هددوا بالانتقام من القناة إذا استضافت صحفيين مستقلين ينتقدون أنشطة التحالف العربي في اليمن، واستشهد الزرقة بتوجيهات الحزام الأمني التابع للإمارات في 31 يوليو الماضي بمنع استوديو تابع للقطاع الخاص في عدن تستخدمه قناة بلقيس ظهور الصحفي المستقل سامي الكاف من الظهور على القناة.

وقال الزرقة للجنة حماية الصحفيين "إن أي قناة معارضة للتحالف أو الإمارات محظورة من المناطق التي يكون لها تأثير فيها".

المجلس الانتقالي

وأرجع سامي الكاف في تصريحه  للجنة حماية الصحفيين منع ظهوره الإعلامي بسبب انتقاده لقوات الحزام الأمني التابعة للإمارات في عدن  والمليشيا الأخرى، وكذلك للحكومة اليمنية الذين اتهمهم في إحدى حلقات برنامج "المساء اليمني" الذي تبثه قناة بلقيس، بخلق الفوضى والاضطراب في عدن، وكذلك اتهامه للمجلس الانتقالي بالانقلاب على الحكومة اليمنية الشرعية.

وقال الكاف إن زملاءه نصحوه بمغادرة البلاد حفاظا على سلامته الشخصية، كما حذروه من أنه قد يتعرض للاختطاف أو الاعتقال في أي وقت بسبب معارضته لقوات الأمن التابعة للإمارات في عدن، مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية لم تحقق في التهديدات التي تعرض لها.

وقالت اللجنة في تقريرها إن الكاف مستمر في الإبلاغ عن الانتهاكات التي تحدث في جنوب اليمن رغم المخاطر والتهديدات، كما يفعل العديد من الصحفيين الآخرين، واستدركت بالقول "لكن مع وجود وكلاء دولة الإمارات العربية المتحدة وسيطرتها في اليمن فإن هجماتهم ضد الصحافة تلقي بظلالها على التقارير المستقلة".