[ مقاتلون من أنصار الحوثي - رويترز ]
قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية قد تغذي الصراع في اليمن، وتضخم صفوف جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة بالشباب العاطلين عن العمل الذين جرى ترحيلهم من السعودية مؤخرا.
الصحيفة في تقريرها استشهدت بمقال كتبه رئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي في صحيفة الثورة الرسمية الخاضعة لسيطرة الجماعة في العاصمة صنعاء، والذي رحب فيه بالعمال اليمنيين المرحلين من السعودية، وقال بأن الوظيفة التي تنتظرهم هي الدفاع عن اليمن والانخراط في القواعد العسكرية التابعة لهم.
وقال التقرير بأن اليمن وهي الدولة التي تفككت منذ اندلاع الحرب الأهلية منذ ثلاثة أعوام تواجه أزمة جديدة، نتيجة قوانين العمل السعودية المصممة للتعامل مع مستويات البطالة المرتفعة في البلاد، وجرى ترحيل مئات الآلاف من العمال اليمنيين الذين وصفوا بأنهم المهاجرون غير الشرعيين من المملكة منذ نوفمبر من العام الماضي.
ويعلق كاتب التقرير في الصحيفة (بيتان مكيرنان بيروت) على هذا الوضع بالقول: "إن المملكة العربية السعودية في أمس الحاجة للإصلاح الاقتصادي ولكن ذلك يمكن أن يكون له تأثير خطير غير متوقع".
وذكر بأن إجبار الآلاف من اليمنيين على العودة إلى بلد يقع في قبضة أزمة إنسانية وبدون آفاق اقتصادية، قد يدفعهم لالتقاط الأسلحة والانضمام للحوثيين أو القاعدة، وهما الجماعتان اللتان تعتبران أن تدفق الشباب العاطل عن العمل يمثل فرصة توظيف رئيسية لهما.
وتشير الصحيفة إلى أن إحصائيات وزارة الداخلية السعودية أظهرت أن 65 بالمئة ممن تم ترحيلهم من السعودية هم يمنيون، وذكرت أن ذلك يعني أن مئة ألف يمني قد تم إعادتهم لليمن، بينما ينتظر 130.000 أخر مصيرا مماثلا، وتضيف: من المستحيل الحصول على أرقام دقيقة، لكن التقديرات التي قدمتها عدة مصادر لهذه القصة أكدت أن حوالي 10 في المئة من كل 100000 عادوا من السعودية، وهؤلاء حتى الآن يمكن أن ينضموا إلى قوة مقاتلة داخل اليمن.
ورجحت الصحيفة وجود مليون يمني يعيشون حالياً في المملكة العربية السعودية، وأن التحويلات المالية التي يرسلها العاملون إلى ذويهم في اليمن هي شريان الحياة الوحيد لأسرهم وأصبح ثلاثة أرباع السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة منذ بدء الصراع، بينما يعيش ثمانية ملايين شخص الآن على حافة المجاعة في أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وتنقل الصحيفة عن الباحث اليمني فارع المسلمي المقيم في لندن قوله بأن تلك الأموال التي قد تنتهي بسبب عودة المغتربين يمكن أن تدمر اليمن، وستكون أسوأ من الحرب.
وقالت فايزة السليماني التي غادرت اليمن إلى السعودية في عام 2015 وتعمل على مشاريع المساعدات عن بعد إن "تصريح محمد علي الحوثي كان مخيفا حقا"، وتضيف: "لم يكن لدينا رواتب مدفوعة في اليمن لمدة عامين، وتسبب هذا بأزمة جعلت الناس لا يملكون خيارًا سوى القتال لوضع الخبز على الطاولة".
وذكرت السليماني بأنها تعرف خمسة شبان كانوا طلاباً في بلدان أخرى، وتم ترحيلهم وانضموا إلى الحوثيين والميليشيات الأخرى مثل المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.
الصحيفة في تقريرها قالت بأن الحوثيين يدفعون مئة دولار للمقاتل الواحد في الشهر للدفاع عن الخطوط الأمامية والقتال في صفهم ضد الجيش الوطني والقوات السعودية والإماراتية، والمبالغ ذاتها يقدمها تنظيم القاعدة للمقاتلين في صفوفه.
ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال يمني بارز مقيم في المملكة العربية السعودية (لم تورد اسمه) أنه اضطر خلال العامين الماضيين إلى تسريح خمسة آلاف من عمال البناء اليمنيين الذين استقدمهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجه المملكة والتغييرات التي أدخلت على نظام التصاريح مما جعل من الصعب الاحتفاظ بالعمال الأجانب.
وأكد رجل الأعمال - وفق الصحيفة - بأنه كان منزعجا من ذلك القرار وهو يرى أبناء بلده يذهبون نحو مصير قاتم بسبب النزاع الجاري في اليمن، وأكد ان السعودية لم توقع على اتفاقية اللاجئين للعام 1951 م حتى توافق على بقائهم كلاجئين.
وذكر للصحيفة التي قالت بأنها أجرت معه حوارا في مدينة جدة السعودية بأن المحادثات مع الجانب السعودي لم تصل لنتيجة، وقال بأن العمال اليمنيين يرتابون بشدة من السعوديين، ويعيشون في نظام الكفالة الصعب، ويتم التعامل معهم وكأنهم من الدرجة الثانية.
ويواصل حديثه قائلا: "يعتقد الكثير من المتعلمين الفقراء هنا أن السعوديين لديهم علاقة سرية وفي انسجام مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وإدارة ترامب لا تساعد على تغيير هذه الصورة، وبعد أن عاش هؤلاء العمال داخل السعودية لفترة من الوقت بدؤوا يعتقدون أن الحوثيين على حق"، في إشارة لقتال الحوثيين ضد السعودية واعتبارهم عدو، ورفعهم لشعار الموت لأمريكا وإسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى ترحيل العمال دون أوراق ثبوتية صالحة و إلى زيادة تكاليف تصاريح الإقامة، وذكرت أن السلطات السعودية رحلت في العام 2013م 655.000 شخص إلى اليمن، ما أدى إلى تفاقم مشاكل الاقتصاد اليمني الهشة أصلاً، وأثر على محاولات إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يبحث عن تحقيق الاستقرار في البلاد بعد تنحي الرئيس علي عبد الله صالح بعد ثورة الربيع العربي.
وذكرت الصحيفة بعملية التطهير الأولى التي قامت بها السعودية، حين رحلت أكثر من مليون مغترب يمني في العام 1990 بسبب موقف الحكومة اليمنية آنذاك من غزو صدام حسين للكويت، وهو ما تسبب في إحداث إحداث فوضى اقتصادية كانت عاملا مساهما في حرب اليمن الأهلية في عام 1994.
وتوضح بأن الجماعات الإنسانية أدانت مرارا الرياض بسبب تورطها في الصراع الحالي في اليمن، حيث يتهم التحالف العسكري الذي يتزعمه السعوديون ويتشكل من الدول العربية لدعم الحكومة اليمنية المنفية ضد الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة، بعدم اتخاذ الاحتياطات الكافية لتجنب الخسائر غير الضرورية في أرواح المدنيين في حملات القصف.
وقد نجم الكثير من الدمار عن الأسلحة التي بيعت إلى السعودية من قبل حلفاء مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهي خطوة ربما يشعر المسؤولون في إدارة باراك أوباما بالقلق من أنها قد تكون بمثابة تواطؤ في جرائم الحرب، كما تعلق الصحيفة.
وتشير إلى أن عدد القتلى الرسمي من اليمنيين المسجل لدى الأمم المتحدة حتى الآن هو 10000، غير أنه من المعترف به على نطاق واسع أن سوء التغذية وأسوأ وباء للكوليرا في العالم حدث بسبب الحصار السعودي على الملاحة الجوية لليمن.
وتضيف: المهندس المعماري لـ "فيتنام السعودية"، وهو ولي العهد ووزير الدفاع البالغ من العمر 32 عاماً، محمد بن سلمان يشن حالياً هجوماً دولياً ساحراً مع توقف في القاهرة ولندن وباريس وواشنطن العاصمة".
وقالت الصحيفة بأن بن سلمان تلقى ترحيباً حاراً من الحكومة البريطانية، وظهر يوم الجمعة وهو اليوم الأخير من زيارته التي امتدت لثلاثة أيام بعد توقيعه اتفاقاً مبدئياً لشراء 48 طائرة مقاتلة (تيفون) جديدة من شركة BAE Systems في المملكة المتحدة مقابل المليارات من الجنيهات الإسترلينية.
وتعلق الصحيفة قائلة: "من ناحية هم هنا في صفقات عسكرية مدهشة، فضلا عن الإعلان عن جهود إنمائية وإنسانية جديدة، ومن جهة أخرى فإنهم يدينون اليمنيين بالموت بهذه الإجراءات الجديدة في وقت حرج للغاية بالنسبة للسكان اليمنيين".
وتنقل الصحيفة عن شيرين الطرابلسي وهي زميلة أبحاث في معهد التنمية لما وراء البحار قولها "إن ركل اليمنيين يظهر كيف أن كل وعود المساعدة والإصلاح ليست سوى عملية لصقل الصور، حتى يتمكنوا من الاستمرار على النحو المعتاد على الأرض".
وفي نهاية تقريرها قالت الصحيفة إنها تواصلت بالسفارات السعودية في بيروت ولندن، وكذلك مركز الرياض للاتصالات الدولية للتعليق على التقرير لكنها لم تستجب.
*نشرت المادة في موقع الإندبندنت، ويمكن العودة لها على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.