لا شيء يخطر في بالي من ليلة الأمس سوى تعز و احتفالها بعيد ميلادها الرابع والخمسون بعد الحرية من قيد الإمامة والطائفية، كيف ستحتفل اليوم؟ كيف سيحتفل أطفالنا بعيد رضعوا حبه مع الحليب؟ كيف ستحتفل أمهاتنا؟ كيف سيقف اليوم أبي الرجل الطيب الذي عاش معظم حياته مغتربا خارج الوطن وسط الحارة ويحكي للناس عن المجد عن الحرية عن المقاومة عن سبتمبر عن جدته أم ابيه التي كانت متخصصة في ضرب عساكر الإمام أحمد، جدتي سعيدة بنت أحمد نعمان عامر والتي اشتهرت في القرية بضرب العسكري "بالمردد حق المافي" وتقول له أنت عسكري أحمد وأني سعيدة بنت أحمد فيهرب العكفي إلى غير رجعة.
لن يجرؤ أحد على النيل من المقاومة ومن الحرية ومن شعبنا وابي موجود، تسمعه أمي من البيت وتضيق من تصرفات هذا الرجل الذي ربما يحدث مشكلات في الخارج مع الناس في ظل غياب الدولة، "ما فهمه يهدر بالسياسة" هكذا تقول أمي، أبي الذي لم يدرس إلا إلى الصف الثالث الإبتدائي وترك التعليم لأن جدي رحمه الله كان فقيرا ولا يستطيع تعليمه، ولان الحياة لم تكن سهلة فقرر السفر، وهو بالمناسبة الذي درسني كما يريد هو لا كما أريد أنا، كنت قد قررت الاكتفاء بالبلكريوس والذهاب في طريق التجارة لكنه لم يقبل.
ينادي أبي لأمين فيصل -وهو من أسماه بهذا الاسم الحركي- تعال شوف لي هذا إيش كتب هذا الولد في الفيسبوك، فيقرأ له أمين فإن أعجبه الأمر سكت، مطمئنا على أن هذا "المنحرف عن التقاليد" مازال في الطريق الصحيح، وإن لم يعحبه يقول :
قولوا له يترك الهرج. لا يقبل أبي اي نقد مني لللرئيس هادي، فهو الاصلع مثله، لا شيء مشترك بينهما غير الصلعة وطول البال، عندما يراني في قناة أو يقرأ له أمين أي نقد لهادي، يقول :"لا تصدقوه حرام ماله علم" وعندما اكثر من السخرية أو زلت لساني" بعرعرة" لسبب أو لأخر يقول: "مافيش فايدة"، وها أنا اقول لكم يا أصدقائي المقربين أبي لا يصدق من تحليلاتي السياسية إلا ماراق له وتوافق مع وجدانه وعقله فقط.
يتابع الأخبار هو وأمي السيدة فن، ويتنقلان ما بين الجزيرة والعربية والحدث واسكاي نيوز عربية، على مدار الساعة، أحس وأنا عندهما وكأني في "غرفة الأخبار بين جمال ريان وخديجة بن قنة" غير مسموح لي بمتابعة غنوة وأخواتها من القنوات ولا ام بي سي 2 ولازم اسمع أخبار، اطفش، واقول بالاذن ذو يزن أتصل ساخرج، وتحمل يا ذي يزن الخرط فلا عذر لي غيرك.
كم أنا مشتاق لكما أمي وأبي في هذا العيد أكثر من أي عيد مضى، بالمناسبة أبي وامي يحبان الدولة، وما ولعي بالدولة إلا إنعكاس لذلك الحب. أحيانا أو غالبا أحب أن "ازوغ" عن دفع ضرائب العقار ، أبي وأمي حراس الدولة في البيت، يتابعان هذا الامر سنويا لا مزاح عندهما في حق الدولة، فهذا شيء مقدس، طيب أنا نصاب بالفطرة يعني وإلا كيف فهموني؟ يتركني أبي في البيت ويذهب ليدفع بنفسه، "مافيش ركنة عليك يا ولد". تمنيت اليوم أن أشاهد رغد فيصل وهي ترقص على وطنيات أيوب التي يسمعها كل أهلنا في تعز، لكن الله غالب. كل عام وأنتم على العهد وأنا على العهد والنصر للدولة والبقاء لشعبنا والحكم لشعبنا.