حديث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن ضرورة عودة الحكومة إلى المناطق المحررة في الداخل، خطوة متقدمة في مواقف الشرعية، التي لا تزال تدير شؤون البلاد من الخارج، منذ أن فرض الحوثيون عليها موقف الاستعانة بدول مجلس التعاون الخليجي للتخلص من توابع الانقلاب الذي وقع ضد الشرعية في البلاد في الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول من عام 2014.بعد عامين على الانقلاب، جرت مياه كثيرة في اليمن، كان الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح يسيطرون على اليمن بأكمله، ويتحكمون بالعباد، كما كان خلال عهد الأئمة الذي سبق قيام النظام الجمهوري في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول من العام 1962، فيما الشرعية تسيطر اليوم على ما يزيد على 75% من أراضي البلاد، وبعد أن كان الحوثيون وحلفاؤهم يصدرون الموت من صنعاء إلى بقية مناطق البلاد، صارت العاصمة صنعاء بين فكي كماشة الحصار العسكري والاقتصادي الخانقين.
مع ذلك فإن الشرعية تخطئ كثيراً عندما تعتقد أن عودتها إلى الداخل مرتبطة بتحرير المناطق كافة، فالمناطق المحررة كثيرة وبإمكانها، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي أو رئيس الحكومة مع كافة أعضائها العودة إليها وممارسة مهامها انطلاقاً منها، وعدم الاتكال على منطق «العودة المظفرة» بعد القضاء على الانقلابيين، فمثل هذا المنطق يضعف موقف الشرعية ويجعلها محل انتقاد.
ويبدو أن الرئيس هادي أدرك أخيراً أن ممارسة الحكومة لمهامها من الخارج أضعف موقف الشرعية وأبطأ من وتيرة تسريع إعادة بناء ما تم تخريبه خلال عامين من الانقلاب، إذ إن هذا الوضع المقلوب والشاذ يجب ألا يستمر إلى ما لانهاية، وعلى الحكومة أن تعود إلى أي منطقة محررة، سواء عدن أو حضرموت أو مأرب لتمارس عملها بشكل طبيعي ، وتعطي دفعة معنوية للناس وللمقاتلين في الجبهات التي تواجه الانقلابيين، سواء في تعز أو في نهم وصرواح وفي مأرب وحرض وميدي، وما تبقى من الجبهات.
عودة الحكومة إلى الداخل أمر ملح في الوقت الراهن، فالعودة ستؤكد لليمنيين أن الشرعية لديها مشروع واضح لمواجهة الانقلاب الذي أحال حياة البلاد والعباد إلى جحيم، وأن البقاء في الخارج لا يضيف أي ميزة للشرعية، بقدر ما يفقدها أهم أسلحتها في مواجهة الانقلابيين.
عامان من البقاء خارج البلاد كافيان، وقد حان الوقت لتعود الشرعية ممثلة بنائب الرئيس ورئيس الحكومة لممارسة مهامها من الداخل وملامسة الهموم والمشاكل التي تواجه الناس جراء استمرار القتال في عدد من الجبهات ومعالجة الاختلالات في المناطق المحررة، التي تزايدت وتفاقمت بسبب غياب أدوات الشرعية فيها، ممثلة في الحكومة ورموزها، وهذه أمور بات يدركها المواطن البسيط والنخب السياسية على حد سواء.
نقلا عن الخليج الاماراتية