ظل اسم فارس مناع محصوراً لدى الدوائر الرسمية في اليمن، كأحد الوجوه الخطرة التي يجب التعامل معها بحذر، أما لدى العامة فقد كان الشخص الغامض الذي لا يعرفه غير رجال السلطة ونخبة المجتمع فقط، حتى جاءت أحداث 11 سبتمبر الأميركية وخرج اسم مناع إلى العلن بعد اعلانه أنه أحد المتضررين من الهجمات الإرهابية حيث كان يمتلك مكتباً تجارياً في برج التجارة العالمي.
«فارس» يحمل ايديولوجية واحدة يجاهد في سبيلها ويخاطر بنفسه بحثاً عنها فوق كل شبر بالكرة الأرضية، انها «ايديولوجية المال» التي مات في سبيلها كثير من تجار السلاح والمخدرات والآثار واللصوص وناهبو المال العام، وهي التي دفعته للبحث عن جواز باسم مستعار سافر به إلى جنوب البرازيل في يناير 2015 لإتمام صفقة 11 ألف مسدس وأشياء أخرى مع شركة «فورخاس تورس» الشهيرة، وهي الصفقة التي ابطلها القضاء البرازيلي بعد معرفة أن صفقة مايو 2013 المتضمنة 8000 آلاف مسدس قد وصلت اليمن عن طريق جيبوتي كانت مع رجل مطلوب دولياً وتم توريد السلاح إلى بلد محظور البيع إليه بقرارات أممية.
ورغم المليارات والشركات والقصور والعقارات والسيارات الفارهة وغرابة أشكال الأسلحة الشخصية التي يمتلكها «مناع» وتحيط بجدران منازله إلا أنه كان أحد أبرز المقاولين الذين زاروا الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2008 لتولي مهمة إقلاق جنوب السعودية من خلال تزويد المخربين والإرهابيين بالسلاح، ليكون منزله في منطقة سوق الطلح بصعدة هدفاً عسكرياً لسلاح الجو السعودي خلال الحرب السادسة التي شنتها الجماعة الحوثية على الدولة اليمنية في 2010.
ومع انطلاق عملية عاصفة الحزم العسكرية التي ينفذها التحالف العربي بقيادة السعودية من أجل استعادة الدولة اليمنية من يد الانقلابيين كانت منازل مناع أهدافاً عسكرية للطيران، الذي تتبع منازله كأهداف ثمينة يختبئ فيها سلاح الحوثي ورجاله، وتم قصف منزله بحي حدة بصنعاء في ابريل 2015 ومنزله بحي السنينة بصنعاء في أكتوبر 2015 ومنزله بصعدة في أغسطس 2016.
كان فارس مناع أحد أهم أذرع صالح السوداء، فصالح الذي جمع فرقاء العمل السياسي الصومالي للتوقيع على "بيان عدن للمصالحة الوطنية" في يناير 2006 هو نفسه الذي يتحصل على عمولة مالية من كل صفقة سلاح يوردها فارس مناع إلى الأشقاء المحتربين في الصومال، وفي كل القرن الأفريقي... لكن كيف ذلك؟.
وفقاً للقانون الدولي للسلاح الذي سنته الأمم المتحدة في 1984 يجب تحديد هوية «المستخدم النهائي»END USER» أي الذي تترتب عليه المسؤولية القانونية والأخلاقية لاستخدام السلاح، وكان صالح يوجه وزارة دفاعه بمنح مناع وثيقة شراء مفصلة باسم الحكومة اليمنية، ليقدمها لشركات السلاح في كل العالم، ويعقد صفقات سلاحه التي تشق طريقها إلى صدور الأبرياء الأفارقة، ليربح كتاجر سلاح، وصالح يأخذ عمولة تواطئه، ولا أظن أن للعمولة حضوراً في أسباب سجن مناع خمسة شهور متواصلة في سجن الأمن القومي «المخابرات» بصنعاء بين شهري يناير ويونيو 2010.
ربما كان خلافاً شخصياً بينه وبين أبناء شقيق صالح عمار ويحيى وربما كان لصفقات الحوثيين في أراضي تهامة حضور في سجنه، فقد أوكل الحوثيون لمناع مهمة شراء أراضي لهم في أقصى الساحل الغربي اليمني، كمزارع، فيما تم استخدامها مخازن ساحلية تلقف ما يجود به مهربو السلاح عبر القرن الأفريقي إلى اليمن.
هذه الخدمات الجليلة كانت سبباً في حشرجة صوت مناع الباكي وهو يعاتب القيادي الحوثي يوسف الفيشي عقب إقالته من منصب محافظ صعدة واستبداله بتاجر سلاح آخر هو محمد جابر الرازحي في ديسمبر 2014... مناع الذي نصبه الحوثيون محافظاً لصعدة في مارس 2011 وسكت الرئيس هادي عن تنصيبه باعتبارها محافظة خارج سلطة الدولة قال للفيشي: «تبعدوني من المحافظة وأنا الذي خدمتكم أكثر من عبدالملك الحوثي!».
لا يوجد في التاريخ حرب منفصلة عن السياسة، ولا أظن صفقات مناع بمنأى عن توجيه مخابرات دولية ترغب بإطالة أمد الحرب، واستطالة نزيف الدم اليمني.
* نقلا عن صفحة الكاتب في الفيس بك