ثمة توجه أممي واضح لجدولة المفاوضات اليمنية لانجاز اتفاقات جزئية وعلى مراحل وصولا لاتفاق شامل للأزمة.
وهذا النوع من المفاوضات هو أسلوب متبع لادارة أكثر من صراع في العالم، ومن أبرز سماته تثبيت الوضع الراهن وادارة الصراعات بدلا عن حسمها، وأبرز نماذجه المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
الفكرة وكما تطرح من قبل ولد الشيخ هي الاتفاق على تثبيت وقف النار، ومن ثم انجاز اتفاف عسكري لمعالجة مسألة انسحاب المليشيا من المدن ومؤسسات الدولة على مراحل إيضا، ومع انجاز كل مرحلة تتقدم المفاوضات في الجانب السياسي.
وهذه الاتفاقات في الوضع العسكري الراهن، حتى وان اتفق على انسحاب المليشيا من المدن ومؤسسات الدولة عبر لجان عسكرية مشتركة، هو ليس في صالح الشرعية كونها تبقي التفوق العسكري للحوثي وصالح في تلك المناطق التي يسيطرون عليها، وأهمها العاصمة صنعاء التي تعني روح الدولة التي لا تزال مركزية.
لكن، لماذا يرفض الحوثي الانخراط في هذه الاتفاقات كما ظهر في تصريحات عبدالسلام فليته الأخيرة؟!.
ربما يرى الحوثي أنها وان كانت ليس في صالح الشرعية، أنها في صالح حليفه عفاش أكثر مما هي في صالحه، فالقبول بفكرة الانسحاب من مؤسسات الدولة والمدن حتى وان تم بشكل شكلي وبقت مليشياته كقوة يمكن استدعاءها في أي لحظة، فالقبول بالفكرة بحد ذاته يجرده من استخدام اللجنة الثورية واللجان الشعبية التي اعتمد عليها في السطوة على مؤسسات الدولة، وهو لا يرغب بالتخلي عنهما قبل الحصول على مكاسب سياسية وحصة في الحكومة ومؤسساتها يشرع ما سطى عليه عبر الاتقلاب على الأقل.
كما أن الاتفاق العسكري يلزم الحوثي وحده بسحب مليشياته فيما لا يلزم صالح بشيء، فانسحاب قد لا يشمل سحب المعسكرات الموالية لعفاش باعتبارها جيش والدفع بالقول انها لم تنخرط بالحرب بشكل رسمي.
كما ان معالجة المسألة العسكرية والانطلاق منها لعملية سياسية هو ما يحتاجه عفاش او حزبه ليعود للسلطة عبر الانتخابات، بعكس الحوثي الذي تهمه حصته في الدولة قبل اي عملية سياسية.
وبناء عليه يمكن القول ان مواقف الأطراف من الخطة الأممية عبر مراحل هي كالتالي.
١- الشرعية:
ليست من مصلحتها الدخول في اي اتفاقات في الوضع العسكري الراهن على الارض، الا انها قد لا تمانع من الانخراط في الاتفاقات أمام الضغط الدولي، أن بدأت من الشق العسكري وصولا للسياسي بشكل مرحلي لا متوازي كما يريد الحوثي.
٢- الحوثي:
لا يرى الحوثي مصلحة له في الاتفاقات المرحلية، فهو لا يرغب بتقديم تنازلات عسكرية قبل الحصول على مكاسب سياسية تشرعن لما قد سطى عليه عبر الانقلاب، ولذلك من غير المتوقع ان يوافق على المقترحات الأممية الاخيرة، وحتى إن صدر بها بيان أممي كما هو متوقع سيظل هو العثرة، وحينها سيكون لابد من الحسم العسكري.
٣- عفاش:
من مصلحة عفاش الدخول في اتفاقات مع الشرعية في الوضع العسكري الراهن وبأي شكل حتى وان بشكل مرحلي بدءا من العسكري للسياسي، لأنها تبقي على هيمنته العسكرية في المناطق التي لا يزال يتقاسم النفوذ عليها مع الحوثي فيما لا تلزمه بشيء، ولذلك من مصلحته الموافقة على الخطة الأممية الجديدة، لكنه لا يملك قراره أمام الحوثي، ومن غير المتوقع أن يتخذ قرارا منفردا بالقبول.
وكمحصلة نهائة لا أتوقع للخطة الاممية الجديدة النجاح في الوضع الراهن، لتضارب المصالح بين الحوثي وعفاش فيما يخص الخطة الأممية بشان الاتفاقات الممرحلة مع أنها لمصلحتهم ان تمت.
فالحوثي كما هو دائما حصان طروادة عفاش وكعب أخيله في نفس الوقت.