ثمة محور عربي قائم قوي ومهيمن يقوده بن زايد وبن سلمان والسيسي وملك البحرين وملك المغرب ولا محور عربي مناوئ له، وفوق ذلك يدمج هذا المحور نفسه في المصالح الغربية بالغة الاهمية ويقدم نفسه وكيلا لها..ومن المهم ادراك هذه الحقيقة والتعاطي مع الاحداث الراهنة على ضؤها، وحقائقها على الأرض.
بالتفكير بعقل صانع قرار أمريكي، فإن اخراج اسرائيل من عزلتها في المنطقة، والتخفيف من حدة الصراع العربي الاسرائيلي لتتفرغ امريكا لملفات أخرى أكثر أهمية لها في الوقت الراهن كالصراع مع الصين، يعد مكسبا بالغ الأهمية.. أي كان المقيم في البيت الأبيض، ترامب أو بايدن.
وعليه. قد لا نتوقع تحولا كبيرا في السياسات الامريكية مع مجيء بايدن تجاه المحور العربي المتعاضد مع اسرائيل. فدمج اسرائيل مع محيطها العربي، على الاقل رسميا، والتحفيف من حدة الصراع العربي الصهيوني مصلحة امريكية عليا. ليس فقط لأن اليهود مسيطرين على القرار الامريكي عبر لوبيهم القوي، وحسب، وانما لفائدة ذلك لسياسات امريكا الخارجية.
فالتخفيف من الالتزامات الامريكية تجاه الحلفاء في المنطقة، ونقل المسؤليات الى الحلفاء أنفسهم عبر تحالفات جديدة فيما بينهم، يوفر الطاقات الأمريكية لمناطق الصراع الاخرى، كما انه يعزز من قوة الحلفاء أنفسهم أمام المنافسين الاقليمين الاخرين كتركيا وايران، والجماعات الاسلامية العربية بشقيها السني والشيعي.
قد يقال. أن الانظمة العربية لطالما كانت جزءا من المصالح الامريكية والاسرائيلية في المنطقة. الا ان الجديد هو انتقالها من السر الى العلن، والأخطر من ذلك هو التعبير عن نفسها عبر تحالف معلن وغير مسبوق، بات يعبر عن نفسه وبكل جرأة من الشرق حتى الغرب، من ابو ظبي حتى الرباط.
قد يغادر ترمب، إلا أن هذه الحقيقة ستبقى بعده كواقع على الارض، وليس من مصلحة أي رئيس امريكي من بعده العمل على تغييرها، فهي تمثل فرصة لصانع القرار الامريكي الذي طالما طمح الى دمج اسرائيل في محيطها العربي، وقد أتته بثمن بخس.
ويبدو أننا كشعوب للمنطقة سنكون مضطرين رغم الرفض للتعاطي مع المتغيرات الجديدة لوقت أطول مما نتخيله، ما دام هذا المحور يعضد بعضه بعضا، وما دام يعبر عن المصالح الغربية المهيمنة، وما دام المنافس له لم يتشكل بعد، أو لا يملك من أسباب و مقومات القوة مما لدى هذا المحور الجديد، وغير المسبوق.