ظهر عفاش مؤخرا أكثر إطمئنانا مما كان عليه بداية عاصفة الحزم، حتى أنه وفي تحول لافت التقى مبعوث الأمم المتحدة وهو أمر يحدث لأول مرة منذ بداية العاصفة، كما أن لقاءاته بقيادات حزبه تبدو أكثر أريحية مما كانت عليه في السابق.
هل يبدو الأمر طبيعيا وليس أكثر من تعود على العاصفة لطول مدتها، أو كنتيجة لاتفاقات وقف النار والتي تقلصت فيها ضربات طائرات التحالف بصورة كبيرة.
أم للأمر علاقة بصفقة ما تحصل عليها الرجل مع قوة عظمى تمتلك التأثير على التحالف العربي وهي من تتحكم بأداءاته حتى الآن، والحديث هنا عن أمريكا طبعا، من وجهة نظري أرجح هذا الاحتمال الأخير.
فضابط الايقاع الدولي الذي أبرز الحوثي كقوة رئيسية في ضفة الإنقلاب هو ذاته من يعمل الآن على إبراز عفاش لأهداف سياسية على علاقة بالتسوية السياسية، ومستقبل التوازن السياسي لما بعد الحرب.
فالأجندة الأمريكية التي عجزت عن تثبيت المشروع الحوثي نظرا لردة الفعل المحلية والخليجية منه من خلال التحالف العسكري، أو حتى الممانعة للقبول بسيطرته من خلال تسوية سياسية، يبدو أنها عادت لاستخدام عفاش وتسويقة ليقبل الخليج بالتسوية معه على اعتبار أن ذلك لن يؤدي لسيطرة الحوثي وايران على اليمن..
فعفاش وما يمثله من نفوذ عسكري وسياسي قد يكون خيارا مفضلا لأمريكا وبعض حلفائها العرب كمصر والامارات إن تطلب الأمر المفاضلة بين الحوثي والقوى المؤيدة للشرعية وفي العمق منها حزب الاصلاح وحلفاءه العسكريين والقبليين.
إلا ان عفاش حتى وإن كان خيارا مفضلا لبعض القوى الدولية والاقليمية لا يمكن فرضه في الظروف الراهنة بين انقلاب الحوثي وشرعية هادي، فهو وهو يفتقد للشرعية السياسية لا يملك القوة الكافية ليفرض نفسه كأمر واقع أيضا، ولكي يعاد انتاجه يتطلب الأمر تسوية سياسية أولا وعملية سياسية ثانيا.
إلا أنه لتكون هناك تسوية سياسية يتطلب الأمر دعم وموافقة المملكة السعودية، لكن هل يبدو أن المملكة مستعدة لدعم تسوية سياسية لصالح عفاش الذي لم تعد تثق فيه؟!، لا أظن ذلك، إلا أنها قد تقبل ببقاءه كطرف في إطار توازن عسكري وسياسي لا يكون فيه الغلبة لأحد في اليمن..