الإمارات "الشقيقة" تدعم تجزئة اليمن "الشقيق" وتزود الإنفصاليين بكل أدوات الخراب، وفرص الإنفصال بالقوة لو استطاعوا.
وتملك الإمارات إمكانات وقدرات وكفاءة في الإنجاز لمسها اليمنيون، لكنها كثيرا ما كانت في المكان الخطأ بالنسبة لليمن، فهي ضد اليمن، ويكفي أنها تدعم تجزئة اليمن ولا تخفي أطماعها في اليمن، خاصة في بحاره وجزره وموانئه، وهذا أمر خطير ومهين. وهي تدعم التجزئة بهدف تحقيق تطلعاتها في الهيمنة والتوسع والنفوذ وليس لمصلحة أحد في اليمن.
وتضطلع الإمارات بدعم آخرين في الساحل الغربي؛ يفترض أنهم وحدويون أكثر من غيرهم، لأسباب موضوعية، فأهم إنجاز يمني خلال قرن، تحقق على يد الرئيس صالح، على الرغم من أخطائه الكبرى الأخرى؛ لكن أصحاب الساحل لا يتحدثون عن وحدة اليمن، لا من قريب ولا من بعيد؛ ولا بد أنهم صاروا يدركون بأن لا علاقة لمهمتهم في الساحل بتحرير صنعاء، كيفما كانت نواياهم، وهي حسنة بالتأكيد تجاه استعادة الدولة والحفاظ على الوحدة، لكن لا بد أنهم قد فهموا أجندة التقسيم من لحظة إنزال علم اليمن من على محل إقامة طارق صالح في عدن ، بحضور قوات التحالف!
وكان يمكن فهم زيارة محمد بن زايد لطارق صالح بعد إصابته، على نحو إيجابي كبير، لو أنها تنسجم مع دور وموقف إماراتي مؤيد ومساند لوحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه وسيادته على كل أرضه.
أين نحن وحلفاؤنا، بعد عشر سنوات تحالف، وتضحيات كبرى، من تحرير صنعاء، وأين نحن من الموقف الصريح الواضح في دعم وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه؟!
الحقيقة؛ الذي يحظى بالتبني والدعم، هو مشروع الإنفصال؛ عسكرياً، من قبل الإمارات، وإشراك الإنفصاليين في الحكومة والرئاسة دون تخليهم عن مشروع الإنفصال، يعد دعماً للإنفصاليين، من حلفائنا الإثنين، كليهما السعوديين والإماراتيين.
ويبدو أن الهدف والمحصلة هي إنهاك اليمن، لسنين قادمة، وربما عقود قادمة، وترسيخ سيادة الفوضى، ليكون اليمن مهيئاً لتحقيق الأطماع بيسر أكثر، وتجزئة ما يتبقى على أطماع الخارج، أكثر من شطرين، لو أمكن. إن هذا ما يجب أن يتنبه له اليمنيون ويتصدون له.
ونفهم أن الأتراك يجدون مصلحة مشتركة في وحدة جارتهم سوريا، فهل أن أشقائنا لا يجدون مصلحة مشتركة في وحدة جارتهم وشقيقتهم اليمن، ولذلك يتبنون تجزئة اليمن، صراحة وضمناً؟
وحتى لو لم يجد الأشقاء مصلحة مباشرة لهم من اليمن الموحد ؛ فمن حق اليمن؛ مثل غيره من بلدان المنطقة أن يحافظ على وحدته واستقلاله. والمهم هو أن وحدة اليمن لا تشكل خطراً على أحد بما في ذلك حلفائها وجيرانها؛ وفي الحقيقة فإن اليمن لا يشكل خطراً، إلا في حالة الفوضى والتشطير. وقد أثبت دعم مشروع التشطير خلال عشر سنوات، أنه ليس أكثر من مشروع فوضى. وقد أثبتت وحدة اليمن أنها السبيل السليم لحل المشاكل مع الجيران، بما في ذلك قضايا الحدود التي ظلت عالقة لعقود.
أما في السعودية فهناك مثقفون كما قال عبدالرحمن الراشد؛ يرون أن تقسيم اليمن مصلحة سعودية، لكنه نبه أولئك (الذين قد يعكسون ما يدور في بعض صوالين السياسة، أو قد يؤثرون فيها)، ونبه الإنفصاليين، الرومانسيين الحالمين أو الانتهازيين حسب وصفه، بأن ذلك، أمر بعيد المنال؛ وقال : إن تقسيم اليمن يتطلب أحد أمرين، إما أن يتفق كل اليمنيون على ذلك(يلزم استفتاء عام ولا يكفي أعضاء المجلس الثمانية ولا الحكومة!) أو أن تتبنى الأمم المتحدة قراراً بذلك. ويدرك أبسط الناس أن ذلك مستحيل.
ونفهم أنه كان للسعوديين توجسات من اليمن الموحد، بسبب قضايا الحدود التي ظلت عالقة حوالي ستين عاماً؛ وقالت Sandra Mackey في كتابها The Saudis : Inside The Desert Kingdom الذي نشرته في 1987 إن طفرة النفط لم تغير رؤية السعودية تجاه اليمن بحيث يبقى مشطراً وضعيفاً؛ ولكن حسم مسألة التربص المتبادل كما سبق ووصفته في مقالي (اليمن والخليج في 2008) إنتهى بتوقيع إتفاقية الحدود عام 2000، وتم ذلك في ظل اليمن الموحد؛ أما قبل ذلك، فنعلم أن مقتل محمد نعمان وعبدالله الجحري كان بسبب موقفهما من اتفاقية الحدود؛ التي تم توقيعها في عهد الإمام يحيى والملك عبدالعزيز، ورأيهما بأن تكون دائمة، بعد أن كانت مؤقتة، وتتجدد كل عشرين عاماً.
وأظنني من أكثر الناس إهتماما بعلاقات يمنية سعودية طبيعية ومتكاملة ومنسقة على الدوام بما يخدم مصالح البلدين الجارين، وعبرت عن ذلك مراراً، غير أن تداعيات حرب العشر سنوات، بما في ذلك التعاطي مع مشروع الإنفصال والإنفصاليين، الذي عطل كل شيء، وأعاق تحرير صنعاء، دفعني قبل سنوات، لاقول لأحد الدبلوماسيين السعوديين المخلصين لبلدهم، لو وُجِد غير إيران في الساحة، لوضعنا يدنا في يدهم، من أجل إنقاذ بلانا، بعد كل خيبات الأمل!