رحل العميد علي حسن الشاطر، ومن هو علي حسن الشاطر بالنسبة لي أنا أحمد الشلفي مراسل الجزيرة في صنعاء عام 2004م أي بعد فترة قصيرة من التحاقي بقناة الجزيرة مكتب اليمن.
كان عظمي طريا حينها، صحفي شاب أبلغ من العمر نحو 25 عاما فقط وكنت الأقل شهرةكصحفي والأقل حذرا من كل الصحفيين الذين يعملون في هذا المجال وأعتقد أن السبب لم يكن (شجاعة وجرأة فقط) وإنما عدم معرفة بالخطوط الحمراء كما يعرفها زملائي في ساحة الصحافة اليمنية أيام علي عبدالله صالح وخاصة مراسلو وسائل الإعلام الخارجية.
رن هاتفي عام 2004 ولا أتذكر في أي شهر ولكنني أتذكر أن سكرتارية الشاطر حولت لي مكالمة هاتفية من رئيس التوجيه المعنوي للقوات المسلحة فكلمني وطلب مني باحترام لقائه في مكتبه بمبنى التوجيه المعنوي.
لاحقا وبفترة طويلة عرفت تاريخ الشاطر وعلاقته بالسلطة منذ الرئيس الحمدي وقبله حتى حكم علي عبدالله صالح الذي كان أحد المقربين منه.
كان يجلس على مكتبه ببدلته المدنية وليس العسكريةولا أتذكر أنه قام من المكتب ليجلس معي على كراسي الضيوف كما يفعل كثير من الناس لكنني لم أكن أعير ذلك اهتماما فقد كانت المسافة بين الطاولة وبيني كافية لتحديد المواقف وبعد السلام السريع أبلغني أن تقريرا مدته اثنتا عشرة دقيقه عن الفقر في اليمن بث في برنامج مراسلو الجزيرة الذي كان يقدمه الراحل محمد خيري البوريني كان سيئا وصوره تشوه البلاد.
وأبلغني الشاطر باستياء (الفندم ) وهكذا كانوا يطلقون على الرئيس علي عبدالله صالح ثم بدأ بتلقيني تعويذة حب الوطن التي لازال المسؤولون ووسائل الإعلام الرسمية حتى اليوم يلقونها على معارضيهم ومنتقديهم .
استمعت لكل ماقاله بإنصات وغادرت وأنا مصمم على فعل المزيد.
ومنذ ذلك اليوم بدأت أتلقى اتصالاته وملاحظاته وأخباره هاتفيا آخذ ما يمكن منها وأدع كل مالايفيدني جانبا.
غير أننا التقينا مرة في خيمة علي عبدالله صالح نفسه في دار الرئاسة عام 2009م في السبعين مقر سكن صالح آنذاك في جلسة حضرها عبدالله البشيري فقط وفي آخر اللقاء نادى صالح علي الشاطر وطلب منه تسهيل مهامنا التي لم يسهل منها شيء بل زادت تعقيدا.
لماذا أكتب عن الشاطر الآن بعد رحيله لا أعلم لكن رحيله قلب الذكريات وهي أهم ذكريات في حياتي كلها وثانيا لأنني لم أعد أشعر تجاه الرجل بالسوء لكنه كان منفذا لأوامر علي عبدالله صالح بالحرف وربما كان أكثر لياقة معي من الآخرين الذين يكيلون له الإتهامات في أمور كثيرة.
هذا ليس تبرئة له بالتأكيد من ارتباطه بتلك الفترة بكل سوئها وخاصة فيما يتعلق بالحريات العامة والصحافة وغير ذلك من أمور السلطة والسياسة.
رحمه الله.