تعد الحرب الأمريكية التي استمرت أربع سنوات الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، خاض شمال أمريكا حربا ضد الانفصاليين الجنوبيين ، خلفت هذه الحرب قرابة المليون قتيل ، عرفت هذه الحرب باسم الحرب بين ولايات الشمال وحرب الانفصاليين ، انتهت بانتصار الوحدويين .
انصار الوحدة ينتصرون ولو بعد حين ، لأنهم ينطلقون من طبيعة الفطرة السليمة التي تقوم على وحدة الروابط وعوامل القوة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافيا ، كون البشرية تسعى عبر تاريخها إلى تجميع قوتها وليس إلى تمزيقها ، عدا حالات شاذة تمر بها بعض الجماعات المصابة بمرض التقزم وهوس الفرقة والتشتت .
لو لم ينتصر الوحدويون في أمريكا ، لما كانت أمريكا اليوم أرض الأحلام لجميع سكان العالم يقصدونها للعيش والاستقرار ، وهي لا تفرق بين جنسياتهم ولا ألوانهم أو مذاهبهم ، وبرغم من وجود مئات الأجناس البشرية ، إلا أن بعضهم فقراء ينامون في الشوارع ، وبعضهم يبحثون في حاويات الأوساخ عن شيء يبيعونه ليشتروا بثمنه شيئا يأكلونه ، ولم يقل أحد منهم إن سبب ذلك الوحدة ، ولم يسع إلى الارتباط بدولة أخرى ليعمل لديها أجيرا ضد بلده وقومه .
جميع الأمريكيين ولاءهم لأمريكا قبل أي شيء آخر ، لم نسمع أحد يمجد دولة أخرى على حساب أمريكا ، ولم نر حثالة من الشعب الأمريكي ترفع علما غير علم أمريكا المعترف به في كل دول العالم ، ولم نسمع أمريكي يقول لمن قدموا من بلدان شتى أنكم سرقتم ثراواتنا ، فما بالكم أن يقولها لمواطن أمريكي ولد على أرض أمريكا وترعرع فيها .
ونحن في اليمن نشتم ما أمرنا الله به وهو الاعتصام بحبل الوحدة والقوة ، ونلغي من حياتنا الإيمان بالله ، كون حب الوطن من الإيمان ونعلي من قدر الانفصاليين ونضعهم في أعلى السلطة ، في حين أن وضعهم الطبيعي السجون ، ونعلي من شأن الخونة الذين يعملون لحساب دول أخرى ، ضد بلدهم وشعبهم ونجاريهم في انتهاك الدستور والقانون ونشجعهم على الاستمرار في خياناتهم ، حتى أصبحت وحدة اليمنيين جريمة ، والفوضى والانقسام شيئا محببا .
بسبب من ذلك ، عبثت بنا الدول وجردتنا من حقنا في اختيار حكامنا واختارت لنا زعماء مليشيات يتناحرون فيما بينهم ويتسابقون على من سيكون عميلا أكثر من الآخر ، حتى أن مكتب العمالة الموجود في الدور الثالث في فندق الأنتر كونتيننتال يشهد صراعا بين أعضائه من العملاء اليمنيين على زعامة العمالة ، إنه أمر مخز ومخيف ، والأشد وجعا أن ملايين اليمنيين يعيشون حالة صمت وكأنهم أصيبوا بضمور الحياة وأصبحوا ميتيين سريريا .
نحن أمام مرحلة تقود نحو فوضى لا نهائية ، والكثير من اليمنيين ، إما أنهم يتجاهلون هذا الوضع ، أو أنهم تخلوا عن الأمل في فعل شيء لإيقاف هذا التدهور والفوضى ، وفي ظل هذا الاستسلام تتفاقم المشكلة والمخاطر تتعاظم والخيارات تتضاءل ، فلم يعد هناك ما يدعو للصمت أمام أولئك الذين عطلوا التنمية وحرموا المواطن من راتبه ومعيشته ومن الكهرباء والصحة والتعليم ، يجب علينا أن نقول بصوت واحد لهؤلاء كفى ، إما أن تكونوا مع وطنكم ومجتمعكم ، أو ترحلون إلى البلدان التي تعملون أجراء لديها ، لترون هل ستقبل بكم تعيشون على أرضها ، هي لا تقبل بكم إلا كمخربين في بلدكم ومعطلين للحياة وممزقين لمجتمعكم ، هذا هو الدور المطلوب منكم .