السعودية تمهد لإنهاء الحرب، وتتجه مباشرة نحو جماعة الحوثي في صنعاء.
تنتظر الرياض عودة الجمهوريين للرئاسة في أمريكا، وخلال هذه المدة فتحت قنوات الحوار مع صنعاء، بوساطة تقودها سلطنة عمان، ثم المبعوث الأممي بناء على مخرجات الوساطة العمانية، التي أثمرت هذه المرة بوصول المبعوث الأممي إلى صنعاء، بعد يوم من مغادرة الوفد العماني.
تريد الرياض إنهاء الحرب في اليمن بأي ثمن، ولن تخجل في الاستسلام والرضوخ للحوثيين، وستلبي شروطهم، بما في ذلك الإجهاز على مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته الرياض، والذي كان شرطا لإيران والحوثيين في الإطاحة بهادي أولا.
ليس بيد مجلس القيادة الرئاسي سوى الخضوع للرغبة السعودية، فأعضائه متشاكسون، وتجمعهم الرياض فقط، وهم مجردون من عوامل القوة التي تؤهلهم لرفض أي إجراء سعودي.
ينطبق الأمر على الأحزاب والمكونات المتواجدة في الرياض، فلن يكن لها رأي مغاير، أو قدرة على رفض أي آلية تعود بهم مرة أخرى إلى الحوثيين.
السعودية في النهاية تبحث عن مصالحها، ومن يملك القوة لتوفير وتأمين تلك المصالح لها داخل اليمن فستعمل معه، حتى وإن كان ذلك الطرف جماعة الحوثي، وهي ليست عابئة بمصلحة وأولوية اليمنيين ونظرتهم للحوثيين.
ستقدم الرياض في نهاية المطاف نفسها طرفا وسيطا لتجمع بين الأطراف اليمنية، وليست قائدا للتحالف الذي تقوده في اليمن منذ سنوات، تماما كما حصل في المصالحة مع الجمهوريين في ستينيات القرن الماضي.
هذا الانفتاح السعودي على الحوثيين هو ذات الشرط الذي طالبت به الجماعة منذ بدء الحرب، وهي تشترط الحوار مع الرياض مباشرة، وليس مع الطرف اليمني - ممثلا بالشرعية - الذي يعمل بدعم سعودي.
بالطبع حلول كهذي هي مجرد حقنة تخدير، غير قابلة للديمومة، فاليمنيين في غالبهم يرفضون شرعنة حكم جماعة صنعاء، وضاقوا ذرعا منها، وفي نفس الوقت فارضاء الحوثيين بالاستجابة لطلبهم، والدخول في شراكة سياسية معهم، مع احتفاظهم بمقومات القوة، سيجعل باقي الأطراف تحت رحمته، وفي نفس الوقت بقاء الجماعة نفسها عاملا مهددا الرياض في أي وقت، خاصة مع ارتباطها الفكري والأيديولوجي بإيران.
نعم، لا أحد يريد استمرار الحرب، والكل أنهكته هذه الفترة الطويلة من الصراع، وهذا ينطبق على كل الأطراف الداخلية والخارجية، ولكن إنهاء حالة الاحتراب بهذه الطريقة هو مغامرة غير محمودة العواقب، ولا تمثل حلا آمنا يفضي لحقبة جديدة داخل اليمن من التعافي والاستقرار، وجبر الضرر.
في المحصلة تكون الرياض قد خسرت حرب اليمن، وشوهت صورة الأطراف اليمنية التي عملت معها طوال الفترة الماضية، وهيأت ملعبا ضيقا وملغوما في اليمن، وأثبتت مرة أخرى كم أن المتعلق بها خسران.