كنت - ومازلت - كغيري أو كثير من اليمنيين ممن يرى في حزبي المؤتمر والإصلاح بارقة أمل يمكن أن تخرج اليمن من النفق المظلم ، التي أدخلتنا فيه مليشيا الحوثي الإيرانية ، فالحزبان العتيقان قد تمكنا في فترات سابقة من إيجاد شراكات مثمرة على المستوى الوطني ، كان لها بكل تأكيد حسناتها وسيئاتها ، إضافة إلى ما يتمتعان به من رصيد شعبي واسع الإنتشار ، وعلاقات وطيدة مع عموم المكونات والقوى السياسية ، وهو ما أدى بجهات عدة إلى زرع بذور الفتنة بينهما وخلق التصدعات والثأرات بينهما لإسقاط الدولة ونظامها الجمهوري .
وعليه فإن المنطق الشرعي والأخلاقي والوطني يتطلب منهما الوقوف بمسؤلية وطنية أمام أحداث شبوة المؤسفة ، للقيام بدور فعال في ترميم الجراحات وردم الفجوات ، والجلوس على طاولة الحوار مع القوى السياسية الفاعلة في المشهد اليمني وفي مقدمة ذلك المجلس الإنتقالي لخلق مناخات وأجواء وخارطة طريق لاستعادة الدولة ومؤسساتها وترك البغي والتعدي من هذه الجهة أوتلك واليقين بأن اليمن الكبير يستوعب الجميع تحت مظلته .
وللذين يتساءلون عن المواقف من الأحداث الجارية في شبوة ، ويحرصون على التصنيف في تلك الجهة أو الأخرى أقول لهم بكل وضوح : إنه لمن المعيب الظاهر والسقوط المشين والإنحراف عن الجادة أن يتعيش أناس على آلام الآخرين ، أو ينقبوا عن المكاسب السياسية من ركام معاناة الناس وجراحاتهم مهما كانت الظروف ، فضلاً عن انتهاج سياسات شيطانية في التحريش والفتن بين أبناء الشعب - وبخاصة - أن لدينا اليوم قضية كبرى وعادلة مع الذين يريدون اختطاف الشعب اليمني ليحكموه بالطغيان والكهنوت وفق مخططاتهم الشريرة .
وبناء على ما سبق فإنا ما حصل في شبوة
من استخدام القوة واللجوء إلى العنف لحل الخلاف يجعلنا نؤكد على الآتي :-
أولا:- تذكير الجميع بحرمة التعدي على الدماء المعصومة ، واستشعار نصوص الشريعة الإسلامية في التحذير من سفك الدماء، وعواقب الظلم والبغي ، وما يترتب على ذلك من الفتنة بين أبناء الشعب اليمني .
ثانياً :- ضرورة التحقيق والشفافية والتزام معايير العدالة في تبيين الجهة التي تسببت بهذه الكارثة وتحميلها المسؤلية بعيداً عن المؤثرات التي تقدح في نزاهة التحقيق والأحكام فالحق أحق أن يتبع ، مؤكدين على ضرورة احترام القرارات الإدارية العليا ، والإنصياع لها وعدم التمرد عليها من أي جهة ، وفي الوقت نفسه رفض الاستهداف ، وتصفية الحسابات والتهميش والاقصاء لأي جهة أو مكون سياسي .
ثالثاً :- مسؤولية الدولة ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي ووزارتي الدفاع والداخلية، والسلطة المحلية بالإسراع في جبر الضرر المادي والمعنوي للضحايا، وإعادة الاعتبار لأبطال القوات المسلحة والأمن ، وتوحيد صفوفها وتوجيه بوصلتها في مواجهة طغيان مليشيا الحوثي الإيرانية ، والدفاع عن محافظة شبوة ومكتسباتنا الوطنية، و ضرورة معالجة أسباب التوتر ولملمة الجراح وتفويت الفرصة على المتربصين بالجميع.
رابعاً :- تحذير جميع الأصوات والأقلام من مغبة المضي في الخطاب العدائي والتخوين ووجوب التحلي بروح المسؤولية
وإدانة التصرفات الطائشة التي تجلب على البلاد مزيداً من الأحزان والتشظي مع ضرورة ضبط النفس ومنع الانتقام والاستهداف والتصفيات والاعتقالات العشوائية وانتهاك حقوق الإنسان والتعدي على الممتلكات والمقرات والحفاظ على روح الإخوة والتسامح.
وختاماً فإننا نأسف أشد الأسف لسقوط ضحايا في صفوف أبناء القوات المسلحة و الأمن وغيرهم ، ونقدم خالص العزاء والمواساة لأهالي الشهداء .
رحم الله الشهداء وشفى الجرحى .