أطلقت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي على لقاء الرياض بالمشاورات ، مع العلم بأن ما يتم الإعداد له ، لا علاقة له بالتشاور ، لأن التشاور لغة يعني التفاعل بين طرفين أو أكثر ، يتبادلون أطراف الحوار حول أهمية العيش المشترك كقيمة عليا من قيم الحياة ، والبرنامج النظري الذي بين أيدينا لا يدل على ذلك ، فهو يدور حول كلمات افتتاحية وجلسات لتقييم الوضع السياسي والاقتصادي والإغاثي والإعلامي ، مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية والإعلام .
وكما قلنا ، إن المشاورات تتم بين أطراف حول أهمية العيش المشترك ، فهل ممثلي الانتقالي أصحاب مشروع الانفصال ، سيتشاورون حول الوحدة الوطنية المنصوص عليها في كل القرارات الدولية ، وهل أنصار الإمارات سيقبلون بالتشاور حول خروج الإمارات من سقطرى وميون وترك ميناء عدن ومطار المكلا ومنشأة بلحاف ، وهل ستترك السعودية والإمارات الموجودين يتشاورون حول شرعية اليمنيين الدستورية ، بل هل ستترك فرصة لمساءلة السفير السعودي محمد آل جابر حول مليارات الدولارات التي يزعم أنه أنفقها على مشاريع عملاقة ؟
بالتأكيد لن يسمح بذلك ، والعنوان الذي وضع للقاء الرياض لم يكن سوى فخ لاستدراج ما تبقى من الشرعية إلى توزيعها بين المليشيات وهذا ليس من باب التشاؤم كما قد يظن البعض ، بل من معطيات الواقع ، فبعض المدعوين إلى هذه المشاورات لهم ثأر مع الوحدة والبعض الآخر له ثأر مع الشرعية وآخرون من نتاج محمد آل جابر كظاهرة إعلامية مهمتهم الترويج لفساد آل جابر ، والبعض المتبقي من شاكلة القائل : لحم أكتافي من خير المملكة .
إذا كانت السعودية حريصة على إيجاد حل للأزمة اليمنية والخروج من هذه الحرب ، كانت ستدعو مجلس النواب والشورى والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، ثم الشخصيات الاجتماعية ، لكنها لا تريد أن تعترف بهذه المؤسسات ، لأن خصومتها في اليمن تدور حول الجمهورية والوحدة والتعددية السياسية والديمقراطية والدولة ، ولهذا فهي مستعدة أن تضحي بآخر قطرة بترول حتى تتخلص من ذلك ، وليس مهما أن الحوثي يمتلك أسلحة قادرة على ضرب منشآتها الحيوية ، فكل ما يهمها هو ضرب الدولة اليمنية واستقرارها .
في غياب هذا الاستعداد النظري لفهم التشاور ، فالبديل هو إحكام الحصار على الرئيس ونائبه ، ولهذا تم استدعاء من يصوت على هذا التوجه ، ونحن لسنا بصدد الدفاع عن الرئيس أو نائبه ، بل بصدد الدفاع عن نقل الشرعية بطريقة دستورية لكي لا نذهب إلى الفوضى التي رسمت لنا والتي ستجعل من المستحيل استعادة الشرعية ولا حتى بعد خمسين عاما ، فإذا كان مجلس التعاون الخليجي جادا في الحفاظ على شرعية اليمنيين ، فليتخذ من نقل السلطة من الرئيس صالح إلى نائبه في ذلك الوقت هادي طريقا إلى ذلك ، وعلى بقية دول مجلس التعاون الخليجي ألا تترك مصير اليمن بيد السعودية والإمارات تعبثان به وبأمن المنطقة كلها .