لا تسعى السعودية من خلف مؤتمر الرياض الذي أُطلق صباح اليوم إلى إنجاز أي حوار جاد بشأن الأزمة اليمنية التي هي من صنيعها أساسا، إنما تهدف إلى ترميم صورتها وقد وصلت أقصى تشوّه لها بفعل الانكشاف الكلي لشرها الخاص في اليمن، وذلك ما يفسر دعوتها لكُتاب وشخصيات ثقافية هذه المرة، فهي تسعى لإثارة انتباه النخب اليمنية مجددا وإنجاز مهمة دعائية لصالحها من خلف المؤتمر، وهي خطوة لا علاقة لها بأي من إجراءات حل الأزمة، ولن تفضي إلى أي شيء ذي قيمة حقيقية.
مجرد مهزلة رخيصة من المهازل السعودية الكثيرة في التعاطي مع اليمنيين، يحضرها الكثير من الانتهازيين والمُرتزقة، وهي لا تسيء لأحد قدر إساءتها لأولئك الذين حضروها بكل ذلك الاندفاع الأرعن، لفيف من الأشخاص المنتمين لنخب انتهازية معروفة بالحماقة وانعدام البصيرة تنجز حوارا سخيفا مع نفسها حول لا شيء لقاء بعض المال والرضى المُحتَقَر.
يستحيل حل أزمة الصراع في اليمن عبر الحوار بالنظر إلى المعطيات العسكرية الحالية على الأرض وتعقيدات الأزمة التي فاقمتها السعودية ذاتها على مدى سنوات، المملكة تدرك ذلك جيدا والحوثيون والحكومة واليمنيون جميعا يدركون ذلك أيضا، ولا أحد يجرؤ على الاعتقاد أمام نفسه بأن الأزمة قد تُحل بالمفاوضات، فما بالك بفكرة مؤتمر هزلي على هذا النحو من التفاهة أكثر ما يغري بالحضور إليه هو المال، إنه مشروع سخف مكتمل الأركان.
تواصل السعودية إنتاج المزيد من المهازل وتقديمها لليمنيين، ولا تملك الحكومة سوى مجاراتها في كل خطوة حرصا على ضمان استمرار تدفق السيولة إلى جيوب رجالاتها بالطبع وليس بدافع من انعدام الحيلة والخيارات، وذلك سلوك بات مفهوما لدى الناس، ولم يعد يثير حتى السخرية، لكن ما هو مثير للاشمئزاز بحق هذه المرة هو استجابة شخصيات ثقافية -كنا نظنها حرة ونزيهة- للمهزلة السعودية الجديدة والهروع إلى الرياض لالتقاط النقود وصور السيلفي بلا خجل ومواصلة ادعاء الحكمة والنباهة بعد ذلك دونما حياء.
عواء فارغ هو كل ما تنجزه السعودية في هذا المؤتمر، لكنها ليست غبية للحد الذي تجهد فيه خلف خطوة ما دون جدوى بالمطلق، فهي بالطبع تسعى لتلميع صورتها وموقفها بشأن الحرب في اليمن بخطوة دبلوماسية رثة كهذه لن تفضي إلى نتيجة ما سوى تحقيق هدفها الإجرائي الضحل. أما بالنسبة للأزمة فسوف تستمر على نفس الوتيرة العبثية السابقة، حيث الحرب مارثون بلا فائز، ولا حسم كاملا لصالح طرف يمني بعينه، هي لعبة تتسق بالطبع مع الرعونة الخليجية، لكنها بالتأكيد لن تمر دون ثمن.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك