في أي حل سياسي، في أي دولة عربية تضربها الصراعات، تبرز معضلة السلاح، ووزارات السلاح.
عند تشكيل حكومات الوحدة الوطنية التي يدعى إليها لحل الصراعات، تحضر هاتان الوزارتان كحجر عثرة إزاء تقدم مفاوضات تشكيل الحكومة. في الحكومات العراقية المتوالية شكلت حقيبتا الدفاع والداخلية معضلة، في الحكومة الليبية كانت هذه هي المعضلة، وفي أكثر من نموذج آخر كانت السيطرة على السلاح هي الشغل الشاغل لمن يخوض مفاوضات تشكيل الحكومة.
السؤال المحوري هو من يحوز هاتين الحقيبتين. السيطرة على الوزارتين تعني السيطرة على السلاح الذي يعني السلطة والثروة باختصار شديد.
انعدام الثقة هو الذي يجعل الفرقاء يتسابقون على حيازة السلاح، والاستحواذ على وزاراته.
مسألة الوصول إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع ترف لا ينبغي للشعوب العربية التفكير فيه. الديمقراطية إحدى الكماليات التي استوردها "الحداثيون" مع الببسي كولا، والهمبرغر.
السلاح السلاح، هو السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة، هو السلطة والثروة وهو صندوق الاقتراع. وإذا عجز السلاح بمفرده – وهو قادر – على إحراز السلطة، فإن الدين وسيلة سهلة للقفز إلى الكرسي والاستحواذ على المال، في بلدان تتوالد قهراً وتخلفاً وفساداً، وتسييساً دينياً مرعباً.
واليوم تبرز قضية السلاح الذي نهبه الحوثيون من مخازن الجيش اليمني معضلة المعضلات في طريق نجاح محادثات الكويت.
يطرح الحوثيون سؤالهم الملح: الدولة غير موجود. لمن نسلم السلاح؟ لكنهم يتفادون مواجهة السؤال الأكثر إلحاحاً، وهو: من هدم الدولة التي نهبتم سلاحها؟
السبب في عدم نية الحوثي تسليم السلاح الذي نهبه –في رأيي - ليس ما يطرحه الحوثيون من عدم وجود دولة يسلمون لها السلاح، لأن وجود الدولة من قبل لم ينعهم من نهب سلاحها. الدولة كانت موجود – مهما كانت ضعيفة – ومع ذلك نهب الحوثيون سلاحها. علة الحوثيين باطلة ولا تقوى على الصمود.
يمكن التوافق على كل شيء في الكويت، إلا موضوع السلاح. الحوثي لن يسلم السلاح، ليس لأنه لا يعرف لمن يسلمه، بل لأنه ضمن بالسلاح السلطة التي يراها حقاً موروثاً بنصوص الدين، ومكتسباً بقوة السلاح.
على كلٍ...
لو كنت مكان ولد الشيخ لاقترحت تشكيل لجنة عسكرية من ضباط يمنيين محايدين لم يشتركوا في الحرب الدائرة بين "الجيش الوطني"، والجيش الموالي للحوثيين. تعمل هذه اللجنة على تنفيذ القرار الدولي في شقه المتعلق بسحب أسلحة المليشيات، وإخراجها من المدن التي سيطرت عليها، وتكون اللجنة تحت إشراف خبرات عربية أو دولية، أو خبرات مشتركة.
وتتولى هذه اللجنة كل ما يتعلق بالأمور العسكرية والأمنية في البلاد، لحين تشكيل سلطة منتخبة.
ومع ذلك فلا أعتقد أن الحوثيين سيوافقون. لن يعدموا الحجة والمعاذير. سيقولون إن ذلك تدخل في الشأن الداخلي اليمني، سيعزفون على نغمة "السيادة" التي فرطوا فيها، ولم يستطيعوا حمايتها لحظة واحدة. وسيقولون إنها حيلة أمريكية صهيونية جديدة للقضاء على "أنصار الله". وسينسى محمد عبدالسلام، أو عبدالسلام صلاح فليتة انه قدم اعتذاراً للسفير الأمريكي مؤخراً على نهب الحوثيين لبعض مخلفات الدبلوماسيين الأمريكيين الذين غادروا صنعاء عقب دخول المليشيات صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014.