يذبحون الناس كالخراف، ما أسهل القتل لديهم، هذه لم تعد أحكامًا شرعية بالإعدام..بل قرارات تصفية متعمّدة، تتخذها سلطة استمرأت الدم وبات سلوك معتاد لديها.
كلما شعرت العصابة الحوثية أن سلطة الخوف تراخت أثرها في نفوس الناس؛ تلجأ لسلوك معين تستعيد به تفعيل صورتها كجماعة صارمة ومرعبة في الذهنية العامة.. تدرك الحوثية أن الزمن يجرد الناس من الخوف ويحيل أعتى سلطة قمعية لحالة رثة وباعثة للسخرية أكثر منه مثيرة للخوف.
أي سلطة قمعية لا يمكنها أن تستديم هيبتها بواسطة العنف وحده، فسلطة القمع تتعطل إما بفعل امتصاص الناس للخوف أو بالتمرد عليه، سلطة حمقاء وبائسة تلك التي تحاول ترقيع صورتها بمزيد من العنف. فالنتيجة عكسية دوما..العدالة المستوفية شروطها، تثبِّت سلطة الحكم؛ لكن الظلم يثير سخط الناس عليها ولو تلبّس بثوب العدالة؛ فالإحساس الجماعي للناس يتمكن من التفريق بين الحالتين.
أمام مشاهد الاعدام العبثية، القضية الأخطر التي يتوجب التحذير منها والتشديد عليها، هو أن المشاط - رئيس المكتب السياسي للجماعة المليشاوية- هذا المراهق السلالي، لا يملك الحق ولا المشروعية ولا الأهلية للمصادقة على حكم الإعدام الصادر، هكذا ودونما أي نقاش حول عدالة الحُكم من عدمه.
طوال سنوات الماضية، ظلت المصادقة على أحكام الإعدام معلّقة، بسبب غياب الحاكم الشرعي. إلا أن العصابة الحوثية أخيراً تجرأت على اقتحام آخر صلاحية شكلية من صلاحيات الحاكم المنتخب، والمصادقة على أحكام الإعدام.
حكم الإعدام في أحد معانيه هو تعطيل إرادة الإنسان كليًا، ونفي حياته، وهذا الفعل، لما يعنيه من قدسية، يتوجّب أن يصادق عليه حاكم يملك تفويضا شعبيا عاما، أي أن المجتمع منحه إرادته وأتاح له صلاحية التحكم بجزء منها، أي أنه مسؤولا عن حياة الناس..والمصادقة على أحكام الإعدام تدخل ضمن هذا الحيِّز.
ما يحدث في صنعاء هو سلوك يرقى لدرجة " الإبادة الجماعية" بالمفهوم القانوني، من المهم محاصرة هذا النزوع المتوحش لدى الجماعة الحوثية وتحويلها لمظاهرة كونية عالية تكشف مستوى استخفاف الجماعة بحياة الناس، فهي تتخذ سلوك الاعدام كحيلة لتعزيز صورتها كجماعة باطشة وتنجز العدالة بسرعة، فيما الحقيقة أنها تستخدم هذه الأحكام إما سلاحاً لتصفية خصومها والمصادقة عليهم؛ بطريقة غير قانونية..أو لموارة جرائم ارتكبتها ثم ألبستها أبرياء، كممسحة تدفن بها فضائحها.
يجب التشكيك بأي سلوك يتخذ طابع العدالة ويُنجز على أيدي هذه العصابة. المشاط وغيره مكانهم الطبيعي أن تُكتّف أياديهم، وتستقبل رقابهم سيف القانون، مثلهم مثل أي مجرم بهذه البلاد، وليسوا حُراس عدالة..الجماعة التي تشن حربًا ضد المجتمع، هي مجموعة من القتلة وقطاع الطرق وليست سلطة مسؤولة عن حفظ حياة الناس والقصاص لهم أو منهم. إنها تقتلهم بكل الطرق، بالقذائف والصواريخ التي تطلقها ع المدن أو برصاص القانون المدنس.
الرحمة والخلود لشهداء سبتمبر