ينقسم الإعلام الحوثي إلى أربعة أقسام متمايزة عن بعضها في لغة الخطاب الخادمة لمشروع الهاشمية السياسية، ومن خلال ذلك يجيدون تنويع خطابهم بما يتناسب مع اللحظة التي يمرون بها، فرسائلهم تصل إلى كل جهة يريدونها، إما عبر وسطاء ودبلوماسيين مناسبين، واما عبر وسائل إعلامهم التي تغير خطابها على مدار الأحداث، فبعد اعتبار السعودية وعدونها جزء من الحملة "الصهيو سعودية" تحول في غمصة عين إلى اعتبارها الدولة الشقيقة.
تشبث الحوثيين بالنفعية الصارخة وهي أسلوب حياة عند الشيعة عموما، والزيدية الجارودية جزء لا يتجزأ من التيار الشيعي العام في المنطقة، مكنهم من التغيير الدائم لمفردات خطابهم وتنوع هذا الإعلام إلى أربعة أقسام هي:
الإعلام الحوثي الموجه لنا في الداخل اليمني، وهو عبارة عن صراخ لافت للنظر يستفز تديننا المغشوش، ويذكرنا بالاختلاف الطائفي، وبمؤسسهم حسين الحوثي الهالك؛ وبأنه قرآن ناطق، ورحمة للعالمين، ليتم استهلاك ردودنا في قضايا هامشية، وجعل خطابنا الإعلامي مجرد ردود أفعال لا فاعلية فيه، ويبدو مستهلكا للغاية التي تفقده مصداقيته وجماهيره.
إعلامهم الموجه للعالم، والمتمثل في تحالفهم ضد الإرهاب وداعش والقاعدة، ووصف كل من يقاومهم بالإرهاب، لضمان الدعم الأمريكي، الذي يقبل الحرب الوهمية على الإرهاب المزعوم، مع علم الأمريكان المسبق أن هذا جزء من الترويج لأيديولوجية ضد أخرى.
إعلامهم الموجه إلى الإقليم، وبالتحديد لدول الخليج، ويتراوح بين إعلام مستعطف للسعودية وتذكيرها بأنها الداعم الأساسي للزيدية خلال ستة عقود، وتسويق أنفسهم كحليف إستراتيجي للسعودية، واستعدادهم الدائم للتصالح وتجاوز اللحظة، وإنكار علاقتهم بإيران، وبين ارتياحهم من الإمارات وعمان.
إعلامهم الموجه إلى إيران، وفيه يؤكدون أنهم جزء من الامتداد لثورة الخميني، ويذكرون إيران أنهم جزء من مشروعها الشيعي في المنطقة، والتأكيد بأن تعاملهم مع السعودية والخليج ليس إلا من باب حيلة الشيعة عموما "التقية" سيئة الذكر.
يبدو أن إعلامهم أكثر تماسكا وأكثر تعاملا مع المرحلة من إعلام السلطة الشرعية والحكومة، فوزارة الإعلام حاليا في أسوأ مراحلها، بعد أن تم تسليمها للانتهازية اللاثورية، ولوزير جاء من الوسط الباحث عن مكاسب شخصية عبر ركوبه للقضية الجنوبية بعد أن كان أحد أبرز رجالات عفاش في السابق.
ومما زاد من ركاكة إعلام السلطة في إدارة المعركة إعلاميا هو تدخل جلال هادي في شئون الإعلام، واستحداثة لفريق من الانتهازيين، اضعف إعلام السلطة بشكل كبير وبدت رسالته مشوهة، ولا علاقة له بالمقاومة الحقيقية في البلد.
الانتهازية السياسية أيضا تشكل جزءا من الإعلام القريب من السلطة، ومن المناصب في المستقبل، وهناك فريق متكامل يلعب هذا الدور في الوسط، وينتهز الفرصة للحصول على مكاسب على حساب المقاومة، وعلى حساب غباء إعلام السلطة، وهو من يسرب ملفات فساد هادي على نشطاء الإعلام الجديد، وعمله هذا يستفيد منه الحرس القديم في صنعاء، ويستغله تيار مازال يتخلق في محاضن مجهولة يدعى بالطريق الثالث.
كما أن إعلام الأحزاب المؤدلج الذي مازال لم يتجاوز عامي 1994 و 2011 وأحداثهما ومتغيراتهما لا يخدم المقاومة، بقدر ما يشتت الجهود والتضحيات الميدانية.
أضف إلى ما سبق بأن إعلام المقاومة وهو إلى الآن مجرد محاولات لا منظمة، لم يستطع تقديم المقاومة كحركة نضال وطني، لتداخل هذا الإعلام المعتمد أساسا على وسائل الإعلام الاجتماعي، مع استخدام قيادات ميدانية لهذه الوسائل والظهور بمظهر أقرب للإرهاب المتشكل في عقلية الأمريكان، مما يساعد الحوثيين كثيرا في تقديم هذه الرسائل والأشكال التي يظهر بها بعض قادة فصائل المقاومة للأمريكان والأوروبيين عبر المنظمات المشبوهة على أنهم قاعدة وارهاببين ودواعش.
أحجمت كثيرا عن مخاطبة هذه الفصائل في التحرك الإعلامي بشكل وبمظهر آخر، فما المانع من ظهور بعض تلك القيادات الميدانية بمظاهر عسكرية حديثة بدون شعر طويل ولا لحى رثة؟ فالإعلام سلاح ذو حدين قد يؤذي مستخدمه أكثر مما ينفعه.
إن خروج كثير من نشطاء الإعلام الاجتماعي المقاوم عن مرحلة 2011 سيدعم المقاومة بشكل كبير، فمرحلة العواطف وسرد الانطباعات ليس مجديا الآن، والحوثي المتخلف لديه أربع أوجه للإعلام، بينما كل هذا اللفيف من النشطاء مازال يصارع بنفس غير سياسي، إما متأثرا بأيديولوجية عفى عليها الزمن مثل اليمين واليسار، أو بروح استعلائية على كل من انضموا لمقاومة المشروع الفارسي في اليمن، ومقاومة مشروع الهاشمية السياسية.
كما أن ما يشتت إعلام المقاومة في هذه المرحلة يتمثل في عدم إنطلاقه من الروح القومية للشعب اليمني البعيدة عن الأيديولوجيات العقيمة، وهذه الروح تحتاج إلى التجديد المستمر لخطابها العام ، لتخاطب الداخل والخارج، وتخاطب الغرب بلغة يفهمها وتخاطب الخليج بلغة مشتركة يطمئن إلى عمق العلاقات المستقبلية مع الشعب اليمني، لا وجود فيها لا ليمين منعزل عن العالم، ولا ليسار ثوري عفى عليه الزمن، ولا لفكر معادي وكاره للإقليم المحيط باليمن.
نحتاج في إعلام المقاومة لإيصال الرسائل المستمرة للشعوب المكونة لإيران، أننا لسنا ضد تطلعاتها في الانفصال عن أفكار "روح الله" الخميني وخرافات آيات قم، وأننا كجزء من شعوب المنطقة نتمنى لهم الاحتفاظ بأموالهم التي تصرفها آيات الله على الإرهابي الحوثي في اليمن، بينما هناك احتياجات تصل إلى لقمة العيش لجزء كبير من الشعوب والعرقيات المكونة لإيران اليوم.
مقال خاص للموقع